(إلى ابنتي ريم في عيد ميلادها)
ابنة من هذه التي عرقها ضارب في بريق الذهب. هذه الماسة الباذخة.؟ من يرج خطاها في طرقات الحياة كتيه الأيائل؟ من زنرها بفتنة الضياء وغموض الفلك؟ من شكّلها وردة تفيض بالعطر، والينابيع ولهى تثرثر في ثغرها؟ ابنة من هذه الشابة الشامخة؟
أيتها الجميلة التي يفيض وجودها على روحي وزمني طفلة كانت تلهو بين أحضاني، وشابة تختزن الذكاء والمعرفة ونور اليوم والغد والوجود. لك مني حلم الأم وأعذب الأمنيات بيوم ميلادك الذي أضاء وجودي في الحياة. فارقصي واهزجي ولوّني إيقاع الحياة باخضرار الأحلام وأنوار المستقبل. فلك كل عطايا الكون: مطر الخصب وأريج الورد والأزهار، ورفيف أجنحة الفراشات، وتغريد العصافير، وثمار السنابل، وغناء الكناري، وفحولة الربيع، ومواسم العشاق، والشتاء السخي بالمطر، والرغيف المبارك، والحليب المطيّب بذاكرة الأمومة. لك كنوز البحر وغموض أسراره. لك السفن المبحرات إلى جزر الأحلام. لك الرياح الهادئة السائرة إلى مرافئ أمانيك. لك الزمان يرصّعك بالكنوز الخبيئة في خزائن الأعماق. لك الأعماق التي لا تنكشف إلا بجهد صبرك ومفاتيح إبداعك. لك السماء المضيئة بنجم يدل على حضورك. أيتها القلب الذي يفيض بالحب على الكائنات كلها. لك فرحي بك وبوجودك فيضاً من الحب والشوق والاحتفاء.
أتذكرين عندما كنت كفراشة عذراءَ في شرنقة الرحم والأيام؟ ريم أنت كأنك مرايا النهر تهرول سادرة في رحيق السنين. بريئة وحلوة كعسل يقطر من غابة باركها الإله. لم يمسسها شرٌ ، ولم يخاتلها شكٌ يطرق أعتاب أحلامها. ريم أنت كأنك تينة الجبال وجنة العسل. في رهافتك نزقٌ. وفي غموضك سحر الصبا، ريم أنت كالريم سارحة تنتظرين المواسم كي تصطفي موسمك. وحين نهضت من رحمي صار البهاء يحف بمهدك، لتضيئي ما حولي وحولك وتفيضين كسلسبيل لعطشى يرتقون أحلامهم بأصابعك. وكنت حين تلهين تهندسين الفوضى والأثير، وتلونين الهدوء بضجة طفولتك. كأن في صوتك مباهج المساء، وفي همسك ترنيمة الصباح، وفي كفك منابع الأسرار. وحين تنتقين مسار نجمك في غفلة الفصول، أعزف مزهواً بالغناء في وتر الرياح.
ريمُ أنت، هكذا اسميتك. ففي (ر)اء اسمك روح الضياء ورمان الوله. في (ي)ائك الياقوت خبيء سرتك. في (م)يمك مزنٌ والخصب تربتك. في قلبك الأنهار أسرى لمجراك. وبعضك الأحلام طوعى لمرماك. وكل أيامك تعاقب الفصول في دورة الأفلاك. لكنك إذا انثنيتي ريمٌ ابنتي أنتِ، وإذا خطوت ابنتي ريمٌ أنتِ!
أيتها اللؤلؤة المخبأة في عمق قلبي. أيتها النجمة التي أضاءت دروبي ودلّتني على كنوز المعرفة وفيض الشاعرية. عيد ميلادك عيد أفراحي وقلبي وحياتي!