الحياة أيام، والأيام أوقات، وقيمة الأوقات في الأفكار التي تطرحها فيها؛ فتصبح الحياة هي فكرتك أنت عنها. تنشغل بأخبار الفساد، أخبار تلو أخبار، تضيق النفس، فتشعر أن الحياة محيط فساد شاسع ووحدك مهجور على جزيرة الأمانة النائية! تكتسحك أخبار الحروب والاضطرابات والخراب فتشعر أنك في معمعة ميدان معركة خالي اليدين من أي سلاح يحميك، وحياتك في مهب ريح لا تعلم متى تهب عليك وتبيد أيامك وأحلامك وتطلعات المستقبل! تنشغل بنظرية المؤامرة فتتابع كل مستجد فيها، وكل ما يتعلق بها، وتؤمن أنك مستهدف تآمرت عليك قوى الكون الظاهرة، والخفية حتى أصبحتَ لقمة سائغة لا حول لك ولا قوة أمام عدو خفي لا يكلّ ولا يملّ ، هدفه الأول استهداف حياتك ومقدّراتك! تنشغل بحكايات الغدر والخيانات فتشعر أن الدنيا مستنقع «أوغاد» لا ينضب! تشتهي الحياة النقية الصافية وسط ناس قلوبهم طيبة يحبونك ويحرصون على مصلحتك من دون دسائس وأحقاد، سعادتهم من سعادتك، فتحلم بكوكب ثان بعيد عن هذا الكوكب الذي أصبح في نظرك مثل حفرة صغيرة ضيقة من الأفكار والمشاعر السلبية.. أو تقرر فقط أن تفتش عن الوردة، وتحدق فيها لأطول فترة ممكنة، تجعلها كل محيط بصرك، حتى تقتنع بصيرتك أن الدنيا حديقة ورد. لا شيء سيتغير إن لم تبدأ التغيير من نفسك، وانشغالك بأحوال العالم لن يصلح لك حالك. الحل الوحيد أن يجيد كل فرد دوره المطلوب منه، دوره وكفى. لو أتقن كل شخص الدور الذي عليه القيام به لأصبحت الصورة الكلية أجمل. ننشغل كثيراً بما يفعله الآخرون أكثر مما يجب أن نفعله نحن. قد ننشغل هل يذهب «ستيفن هوكنغ» إلى الجنة أو النار وبيننا وبينه فرق سنين ضوئية في العلم والمعرفة! أو ننشغل بتكفير باحث لم يقرأ أحدنا عُشر ما قرأه الرجل! نداري الجهل بالتنطع على منجزات الآخرين. وهكذا نشعر أننا أفضل. ماذا لو انشغل كلًّ بدوره، أتقنه، فقط أتقن دوره، وإن لم تجد لك دوراً اجعل هذا دورك؛ أن تبحث عن دور إيجابي حقيقي لك، دور يعطي لوجودك الخاص معنى ولأوقاتك الخاصة قيمة، استثمر وجودك القصير على الكوكب بشكل يجعلك تودعه في اللحظة الأخيرة من دون ندوب كثيرة تركتها على من حولك ممن عرفك ومرّ بك. لا تكن سكيناً وشوكة تطعن طوال الوقت بالفعل أو بالقول أو بالنظرة فقط لأنك تائه في فراغ أيامك الهائل.