قد نستنكف كلمة نرجسية لدى الأشخاص، لأنها للأسف ارتبطت بالأنانية، ولكن في حقيقة الأمر، هذه النرجسية مطلب حياة، بالنسبة للإنسان، لأنه ما من كائن لا يحب نفسه، يستطيع أن يقاوم مترادفات الحياة، وموجاتها العاتية.
عندما تختفي النرجسية من حياة الأشخاص، ترتفع أمواج العدمية، ويذهب هؤلاء إلى جحيم الانتحار.
فعندما لا يجد الشخص أي قيمة لذاته، فإنه يلقيها في مكب النفايات، وينهي الرحلة متخلصاً من ألم الشعور، بعدم الأهمية. نحن نحتاج إلى النرجسية لنحقق التوازن الداخلي، ونملأ الجزء الفارغ من حياتنا، ونحن نحتاج إلى النرجسية، لأنها المضاد الحيوي الذي نكافح به فيروس اللا جدوى، ونواجه به الجند المجندة من الإحباطات التي تعرقل طريقنا إلى تحقيق الكثير من الغايات، والأهداف.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لأنها تخفف من وطء الأرض الوعرة، التي تسير فيها عربة طموحاتنا، نحن نحتاج إلى النرجسية، لنمنع دخول الغبار إلى غرفنا الداخلية، فيحدث الاختناق.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لنفتح الطريق أمام القطار، كي يمر من خلل في خطوط السكك الحديدية، التي يعبرها.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لأنها تحمينا من تسرب مياه البحر إلى أجواف مراكبنا.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لأنها تقلم مخالب القطط الشرسة التي تعيش في محيطنا، نحن نحتاج إلى النرجسية، لأنها تفتح المصابيح أمامنا، كي نرى ما يعترضنا ونحن في الطريق إلى بناء علاقات مع الآخر.
نحن نحتاج إلى النرجسية، حتى لا نخطئ في التمييز بين الأسماك الحية، والأسماك النافقة.
نحن نحتاج إلى النرجسية، كي نبني علاقة سوية مع الآخر، فلا نكون مثل القطيع، ولا مثل النعام ندفن رؤوسنا في الرمل، لمجرد سماع صوت زئير، في حديقة منزل جارنا.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لنفكر بوضوح من غير الارتهان لضجيج، أو عجيج.
نحن نحتاج إلى النرجسية، كي نتحرر من الدونية، وعقد النقص، وأحلام ما بعد سماع النباح في الشارع الذي يمر بمحاذاة منزلنا.
نحن نحتاج إلى النرجسية، لنقلل السكر في أكواب الشاي، ونمنع حدوث المرض العضال.
نحن نحتاج إلى النرجسية، بشرط ألا تكون مثل السم في الدسم. نحن نحتاج إلى النرجسية، بشرط ألا تصبح أنانية. نحن نحتاج إلى النرجسية، تحت سلطة إدراكنا الواعي.