منذ خطواتنا الأولى خارج حضن الأم.. منذ النهوض بعد الحبو.. منذ الخطو الأول في طرقات الحياة، تواجهنا العثرات. طريق الحياة ليس معبداً مرصوفاً سلساً.. ونحن ككائنات بشرية لا نملك بعد وسائل تعبيد هذه الطرقات المتشعبة. ففي كل منعطف ثمة عثرة. وفي كل تجربة ثمة انخذال يسوق إلى الندم. وفي ما ندّعي الوعي واليقظة والمعرفة، ثمة ضحكة ساخرة لنرتبك ونضطرب ونقلق. البعض يستسلم للعثرات تمنهج مسيرته وحياته. يحتكم إليها في كل تجاربه اللاحقة. يجعل من عثراته قضاة وأحكاماً تشل قدرته على التجدد والنهوض. البعض يقول بالفشل وليس بالعثرة..
نقول بالفشل حين نتعثر على مقاعد الدرس. نقول بالفشل حين لا ندرك قدراتنا الكامنة في طبيعتنا الإنسانية. ونقول بالفشل حين نحب ونخذل. لكن كل ما نسميه الفشل مصطلح خاطئ يحيلنا إلى التقوقع والمراوحة في تجربة هي في حقيقتها عابرة، لأننا أبداً كائنات تعبر مسير الحياة طالما إن نبضنا يخفق.
الفشل مصطلح نهائي يلفظه الطبيب حين يعجز عن إنقاذ حياة إنسان. الفشل هو النهاية.. العثرات مصطلح آني قابل للاجتياز، وللسير مجدداً في طرقات الحياة. البعض تحيله العثرات إلى القلق واليأس والكآبة وربما إلى الانتحار. الانتحار رد فعل ضد الحب، ضد الطبيعة، وضد الحياة. كيف نستطيع إذن أن نحوّل القلق إلى ابتهاج، والاضطراب إلى توازن، والكآبة إلى أغنية حب؟
نهج الحب وحده ذلك الذي يدلنا إليه «أومرام ميخائيل أيفانهوف» الفيلسوف الفرنسي ذو المنبت البلغاري، في كتابه التأملي الرائع «القواعد الذهبية للحياة اليومية».. يعنون «أومرام» إحدى قواعده الذهبية بـ«نهج الحب»، فيدلنا ببساطة ووعي تأملي إلى الجوهرة التي ننسى غالباً أنها كامنة في أعماقنا، والتي نسميها عرضاً وتداولاً عابراً: «الحب» فيقول: «عندما تشعر بأنك مضطرب قلق تعس، حاول أن تقوم بردة فعل، فبدلاً من التقوقع على ذاتك، ابق هادئاً، وباشر بضعة استنشاقات عميقة للهواء. وبعدها تفوه بكلمة ما بحب. قم بحركة ما بحب، وتذكر فكرة ما بحب.. وسوف تلاحظ أن ما كان يختمر في داخلك ويتحجر في سريرتك قد طرد بعيداً عنك. وحين تلجأ إلى الحب تغدو وقد فتحت ينبوعاً في ذاتك. فدع هذا الينبوع يقوم بعمله، وسوف ينقّي كل ما في داخلك. والأمر سهل، فيكفيك أن تفتح قلبك، وأن تطلق حركة الحب وطاقته. أن تستثمره كوسيلة لخلاصك أنت.
إن عشت بحب، فإنك تحيا في حالة وعي فائق السمو ينعكس في أعمالك الحياتية كافة، ويبقيك في توازن كامل، تصبح فيها أنت ينبوع بهجة وقوة وصحةّ!
هكذا ببساطة متناهية حين نفتح منابع الحب في أعماقنا تصبح حياتنا تجدداً وإشراقاً وخصباً!