نشرت «الاتحاد» في عددها أمس الأول ضمن صفحات «وجهات نظر» مقالاً للأميركية ديبورا ليرا، مؤسسة ورئيسة منظمة «ائتلاف الآثار»، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، شاركها كتابته الدكتور أحمد عوض سفير اليمن لدى الولايات المتحدة، وتناولا فيه جانباً غير معروف على نطاق واسع من جوانب المأساة اليمنية، ويتعلق بعمليات النهب والسرقة الممنهجة التي تمارسها العصابات الإرهابية من «الدواعش» و«القاعدة» والميليشيات الانقلابية الحوثية الإيرانية بحق الآثار والتاريخ العريق لليمن الشقيق.
تحدث المقال عن سرقات متواصلة وبشكل كبير للكنوز التاريخية لبلد عريق يضم مواقع عدة للتراث الإنساني العالمي الذي ترعاه «اليونيسكو» ومتاحف تحوي أعمالاً وقطعاً أثرية لا تقدر بثمن. وعاب على الولايات المتحدة وغيرها أبوابها المشرعة لتجارة الآثار والكنوز التاريخية المهربة التي تستغل العصابات عائداتها لتمويل أنشطتها الإجرامية والإرهابية والمزيد من القتل والبطش والتنكيل في بلد تكالبت عليه الشراذم الإرهابية حتى فتك الجوع بمئات الأطفال والنساء والمسنين ليموتوا في المناطق التي تسيطر عليها تلك الميليشيات والمجاميع المتطرفة الخارجة عن كل ما له صلة بالممارسات الإنسانية والأخلاقية.
الميليشيات والشراذم الإرهابية لا تكتفي بسرقة المواقع الأثرية والتاريخية في اليمن بل تستغلها للانطلاق منها بعد تحويلها لقواعد لعناصرها وتخزين عتادها، وتفجيرها بعد ذلك لإخفاء سرقاتها واتهام قوات التحالف العربي بقصف تلك الأماكن في مسرحية مكشوفة ومفضوحة والتباكي على «التاريخ المحترق لليمن» وتناسوا أنهم تسببوا بحرب وكارثة إنسانية غير مسبوقة في موطن العرب الأول.
ممارسات الجماعات الإرهابية والميليشيات الانقلابية بحق اليمن وآثاره التاريخية لا تختلف عن تلك التي مارسها إرهابيو «طالبان» عندما نسفوا تمثال باميان في أفغانستان وكذلك «الدواعش» وما قاموا به تجاه آثار العراق في الموصل وغيرها، وتدمير شواهد تدمر في سوريا، وهي ممارسات تكشف مقدار الغل الذي يعتمل في صدور هؤلاء تجاه الثقافة ونتاجات الفكر وإبداع الحضارات البشرية التي تعاقبت في تاريخ هذه البلدان، والأديان والمعتقدات التي نشأت فيها عبر الحقب الزمنية التي مرت بها. ويعبر عن ظلامية توجهاتهم التي تعمل باتجاه واحد لا تحيد عنه وتعمل عليه، وهو شطب كل ما يختلف معهم من الذاكرة الإنسانية.
التحية والتقدير للجهد الكبير والعظيم لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة والمشاركة الفعالة للإمارات، ليس لإنقاذ حياة اليمنيين فقط بل وشواهد تاريخهم المجيد أيضاً.