ماذا لو طاردتك العين أينما حللت ورحلت، ماذا تفعل في عين تحبها كثيراً وترافق دربك ومسيرتك الحياتية منذ الطفولة إلى أن تشاهد أكثر من عين تعجبك.. ولكن تظل وحدها العين الرائعة الجميلة، قد تكون المدينة التي تسكن بعيداً عن الساحل وتحفها الأفلاج والنخيل والرمل، وقد تكون عيناً حسناء احتلت مشاعرك منذ البدء، منذ أن جاءت وولدت المشاعر الإنسانية وبداية أن يهمس قلبك ويحرِّك وجدانك بريق عين حسناء ولفتة اهتمام طفولي قد تسميها بذرة حب أو إعجاب أو أمنية تنمو رويداً رويداً، ماذا في خافي الجوف عندما ترقص عين الحسناء أن تذهب وتغيب مثل زمنك القديم، مثل تلك المساكن العتيقة والمشاغبات الشبابية الماضية، أي إحساس وذاكرة تأتي بعين الحسناء عندما تتذكر حارة الحميراء، تلك الحارة القديمة التي لا تبتعد كثيراً عن سوق العين الشعبي القديم، أنت تتذكر الحارة والشخوص القديمة، حتى تتذكر مرابط الجمال والماعز الذي يجوب الحارة، كل الأصدقاء الأطفال ثم الشباب في حارتك القديمة، بينما غابت تفاصيل كثيرة وأخذها النسيان مثل غياب ذلك الهندي الذي يبيع السمبوسة وغياب الأفلام الهندية من عروض السينما الوحيدة في العين، أشياء كثيرة غابت فقط عين الحسناء لم تغب، العين التي جعلتك تحاول أن تكون فناناً ترسم الشخوص والأمكنة الرسمة الوحيدة الجميلة والتي تصل إلى دقة كيمرا «البلوريد» القديمة، تلك الصورة هي الباقية وتلك العيون الرائعة للحسناء وعينها باقية.
هكذا خرجت من رواية القاص والروائي حارب الظاهري «عين الحسناء»، والتي قدم فيها صورة جميلة وصادقة عن منطقته وحارته الحميراء.
حارب الظاهري وفق كثيراً في تقديم رواية إماراتية تنقل الحياة القديمة للمدينة وتطورها التدريجي، وهو بهذا العمل يبدأ الاشتغال على مسار آخر غير القصة القصيرة والتجارب الشعرية التي قدمها سابقاً، استخدم الأسلوب السردي المباشر والمختلف عن أعماله القصصية، وكأنه حريص أن يسرد حكايته القديمة وكأنه أيضاً يودّع عين الحسناء التي تطارد شبابه وطفولته بأن يقدم لها عنوان روايته من دون أن تحمل الرواية عنوان الحميراء، العين الحسناء يودعها بسرد الحكاية، فقد تحتل مكانها الآن العين الحسناء الجميلة مدينة العين، وهي كذلك.