ليس معنى أن تكون إيجابياً، أن تتغنى بفوز منتخبنا الوطني على الهند، وتغفل عن كل السلبيات التي صاحبت هذه المباراة، والتي كانت مثار استغراب واستهجان كل من تابعها منذ البداية وحتى صافرتها الأخيرة، فأنت لا تحتاج سوى إلى إعادة مشاهدتها مجدداً، وإذا لم تكن تمتلك الوقت أو الوسيلة، فليس عليك سوى أن تستذكر كيف كانت مشاعرك وأحاسيسك تتفاعل أثناء المباراة، ويبقى الحل الأخير، هو أن تأخذ جولة سريعة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتتمعن في تلك التعليقات الممتعضة، حول كل ما حملته مجريات المباراة.
فزنا وحصدنا النقاط الثلاث، واعتلينا صدارة المجموعة، ووضعنا قدماً في الدور الثاني، وهذا مهم وإيجابي، ولكن لا زال «الأبيض» بعيداً كل البعد عن مستويات الإقناع الدنيا، ولا زالت علامات الاستفهام تلاحق الإيطالي زاكيروني، وملامح القلق، وعدم الثقة تغلف مصيرنا في هذه البطولة إذا تواصل الأداء بهذه الصورة التي لا تقدم لنا منتخباً مرشحاً للمنافسة على اللقب.
نعم نتعامل مع كل مباراة بالقطعة، ولا نفكر سوى في المرحلة التي نخوضها، نعم استعدنا نغمة الفوز الغائبة، وكسرنا حاجزاً مهماً، ولكن دعونا نتحدث بالمنطق، إذا كنا نعاني بهذه الطريقة، ونحن نواجه منتخبات من المستوى الثالث في القارة، ما الذي سيجعلنا ننتفض ونتحلى بالشجاعة عندما ستجمعنا المراحل القادمة مع منتخبات أشد بأساً وقوة ومرشحة للمضي بعيداً في البطولة.
هل يجب أن نشكر عارضة المرمى التي أنقذتنا من هدفين محققين للمنتخب الهندي، أم نشعر بالرضا وحارس مرمانا خالد عيسى يرتدي قفاز الإجادة، وهو ينقذنا من خسارة مبكرة، أم نرفع أسمى آيات الامتنان لتلك اللياقة البدنية التي خذلت المنتخب الهندي، فخارت قواه في الوقت المناسب، هذا المنتخب الذي صنعنا منه بعبعاً، وكنا في السابق نتوقع أن مواجهته لن تكون سوى نزهة لطيفة.
فزنا وتصدرنا وتقريباً عبرنا، ولكن ليس هذا هو المستوى الذي قد يلبي لنا طموحاتنا، ومن الضروري أن تكون هناك من قبل المعنيين جلسة مصارحة مع المدرب واللاعبين، فلا زلنا في بداية المشوار، وستكون الأمور أكثر صعوبة خلال الفترة القادمة، وبالتالي الفرصة لا زالت متاحة لمعالجة الأخطاء والتطرق للسلبيات وتلافيها خلال المرحلة المقبلة.
لن نستكثر على أنفسنا الفرحة ولكن بحدود، لا يجب أن نبالغ في تقدير ما تحقق حتى الآن، لسنا بحاجة إلى مخدر موضعي ينسينا سلبياتنا، يعمينا عن أخطائنا، فهذا ليس بوقت للاحتفال، ولا بناء قصور من رمال، ولكنه وقت للعمل الجاد، ومراجعة الذات وإصلاح الحال.