مر الأسبوع الماضي حافلاً بالإبداع والاحتفاء بالكتاب والشعر. فقد كان يوم الثلاثاء مشعاً كمنارة تضيء الدروب إلى الثقافة والمعرفة. ففي خطاب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أثناء تدشينه نصب «الشارقة عاصمة عالمية للكتاب»، وردت هذه الفقرة الرائعة: «إن إمارة الشارقة عملت بصدق وإخلاص، وعلى مدى سنوات عديدة كي تخلق، وعبر مختلف مكوناتها، حالة استثنائية من العشق والحب للكتاب والمعرفة»!
فهل نحتاج لغير هذا العشق والحب للكتاب كي نرفع رؤوسنا عالياً، ونفجر طاقات إبداعنا للارتقاء والتطور، وتضميد واقعنا ووقائعنا بهذا العشق الذي يضيء دروبنا، ويكشف الكامن في أرواحنا وعقولنا؟ لا شيء أبداً، فلا ترف الثراء ولا هوس الاستهلاك سيحوّل البشر إلى الإبداع والاختراع. فالكتاب معرفة وسلوك يكتسب. وإذا ما شعرنا بالفراغ فإن قراءة أي كتاب ستشعرنا بالامتلاء، وتنير درب وجودنا بشعاع المعرفة. فهنيئاً لنا ولكل المبدعين بنعمة وجودنا في شارقة الثقافة. وهنيئاً لمن سيضيء خطاب سموه الرائع المبدع، طريقه إلى عشق الكتاب وحب المعرفة!
ثم جاء الأربعاء ليحتضن «منتدى شاعرات الإمارات»، شاعرات من مختلف دول الخليج: الإمارات والكويت وسلطنة عُمان ومملكة البحرين والسعودية. وعلى مدار يومين غردت النساء بقصائد تفيض بالجمال والرقة والإبداع الذي يميز دوماً قصائد النساء. ولأن الشاعرية نبض الأنوثة وسر تجلياتها في الحياة، فقد كانت القصائد التي تنوعت في مضامينها وموسيقاها ورقة عزف الشاعرات على أوتار سمع الحضور، جللت القاعة بانتباه وصمت، لا تسمع فيه تقاطع الهمس بين الحضور، ولم يكن من يحمل الموبايل إلا لتسجيل صوت الشاعرة حين تلقي قصيدتها. وأذكر أنني في كل المناسبات، التي دعيت إليها للمشاركة الشعرية في أغلب الدول العربية، كان أغلب الحضور حين يستشعرون الملل من طول القصيدة يتهامسون فيما بينهم، أو يخرجون موبايلاتهم ويمضون في متابعة ما يختزن فيها، كما يبدأ الكثير منهم في الانسحاب من القاعة! يوم الأربعاء في بداية الملتقى لم ألحظ هذه الظاهرة، فقد كانت القصائد تفيض بالرقة والصور الجميلة والخيال المبدع. أما يوم الخميس، وفي مجلس الحيرة الأدبي، فقد أبحرت الباحثات عميقاً في الجوانب الابداعية والفنية في شعر المرأة الخليجية. وحين كانت الباحثة تقرأ ورقتها كانت تطلب من إحدى الشاعرات قراءة قصيدة لها. لقد نهضت القصيدة الشعبية بهذا الأسلوب المتميز بذاكرتي التي اختزنت قصائد شعبية قديمة كانت ترددها والدتي (رحمها الله) كل يوم على مدار عمرها.