الأسبوع الماضي، وبمناسبة نهائي كأس زايد للأبطال، كتبت مقالة حملت عنوان «زايد الحاضر»، وقلت في بدايتها: إن هناك رجالاً في هذه الدنيا لا يرحلون حتى لو غابوا جسداً، والسبب أن بصماتهم وأعمالهم هي التي تتحدث نيابةً عنهم، ولم يحدث أن أجمع العرب يوماً على محبة شخصية بعينها، مثلما فعلوا مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، حتى اقترن اسمه بـ «الخير»، فلا يأتي ذكره إلا بـ «زايد الخير».
وقتها كان الاحتفال بالراحل الباقي الشيخ زايد عربي الهوية والهوى، واليوم انتقل الاحتفاء به إلى العالم..
فهذا الأسبوع يشهد العالم في واحدة من أهم مدنه على الإطلاق «إن لم يكن أهمها اقتصادياً»، وهي نيويورك، يشهد ماراثون زايد الخيري، الذي بات حدثاً تقليدياً تعيشه نيويورك ويحظى بتغطية إعلامية كبيرة، ولأهمية الحدث منحت سلطات المدينة مساحات أكبر للمنظمين في سنترال بارك أحد أهم معالمها من أجل الاحتفال، ليس فقط بحدث رياضي خيري يذهب ريعه لمؤسسة «هيلثي كيدني»، المتخصصة في أبحاث وعلاج أمراض الكلى على مستوى العالم، بل تجاوز الماراثون الأمور الخيرية، ليصبح رسالة إماراتية للعالم في عام التسامح، وفي الذكرى 15 لانطلاقه، رسالة هي أحوج ما يكون العالم المضطرب بالتطرف والإرهاب لها.
هي رسالة الإمارات للعالم بالتعايش والتسامح وقبول الآخر وعدم نبذه أو إقصائه،
لهذا سيحمل المشاركون والفائزون معهم تذكاراً إماراتياً يحمل الرقم 15، ويحمل أيضاً شعار عام التسامح، ونحن نعرف أن التسامح هو سمة الأقوياء وليس سمة الضعفاء.
فما يحدث في العالم الآن من عنف وعنف مضاد، تحت شعارات لا تمت للإنسانية بـ «صلة»، يحتاج من الجميع وقفة جادة ومسؤولة تسهم في تجفيف منابع التطرف الفكري، والأكيد أنه في أية بيئة متسامحة ومتصالحة مع محيطها ومع ذاتها، فإن الفكر الإقصائي سيجد صعوبة كبيرة في اختراقها.
ماراثون زايد الخيري هو أكبر بكثير من مجرد حدث رياضي عالمي، بل هو علامة فارقة في تاريخ التواصل الإنساني غير المشروط، سوى بالمحبة والتآخي والتواصل بين شعوب العالم على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم، وهو ما يعكس حقيقة ما يجري في دولة الإمارات التي تحتضن أكثر من 200 جنسية بكل سلام ووئام وتسامح.