بعد أن رسخت معارض الكتاب في مدننا كزهرة تزين كل مدينة، وبعد أن اعتاد الناس عليها كحدث يأتي في موعده من كل عام، ويحضره العاشقون للثقافة والقراءة والمعرفة من كل الأنحاء والمناطق، لم يعد هذا الزائر الدائم جديداً أو غريباً على الجميع.. وحدها البرامج والترتيبات والمشاركات الداخلية أو الخارجية هي المتجددة. لقد أثمرت الفكرة وخطة الصعود بالمعرفة والثقافة في الإمارات إلى مستويات عالية وواضحة في مجال المعارض والطباعة والقراءة النوعية، تلك التجربة الأولى لمعرض خاص بالكتاب والتي ظهرت منذ أعوام طويلة، الآن أصبحت واحدة من أهم المحطات والساحات التي تزهو بالفنون الرائعة والحديثة في مجال المعارض والطباعة وإخراج الكتب والجديد في مجال الإخراج الفني ونوعية الطباعة، بل يتفوق بعضها عن بلاد عربية كثيرة، في فن اختيار نوعية الطباعة والإخراج والورق.
إنها ثمار تلك التجارب الطويلة في الاشتغال على معارض الكتاب والتي وصلت إلى مستويات عالية، بل إن العارضين في الإمارات سواء في الشارقة أو أبوظبي يقدمون الآن ألواناً جديدة في فن عرض الكتاب وتسيير وبرمجة معرض الكتاب بمواصفات جداً جميلة.
لم يعد الآن غير نوعية البرامج والمشاركات واختيارات الكتاب والمثقفين الذين يمكن أن يعطوا المزيد من التألق والمعرفة وجذب المهتمين بالكتابة والقراءة والمعرفة ثم الكتاب، بين دورة وأخرى يظل البرنامج هو الفيصل والاختيارات هي الحكم، ثم التوفيق في جذب ودعوة الأعلام والقامات الثقافية المشهورة والمعروفة في العالم، إلى المعرض، ثم الاستفادة من هؤلاء في إثراء دورة هذا المعرض أو ذاك، كثيراً ما تنجح هذه المعارض والمسيرون لها في جذب ودعوة وإحضار الممتازين من الكتاب والمثقفين وقليلاً ما تخفق بعض دورات المعارض، ويظهر البرنامج هزيلاً وضعيفاً على الرغم من المجهودات والإمكانيات والدعم الذين سخرته المدينة أو الجهة المسؤولة عن تلك الفعالية، «المعرض»، بعض المدن ترسخ العناصر المسيرة وتحرص على استمرارها وتدريبها وتستثمر فيها من باب أنها طاقات وطنية ومحلية سوف تخدم البلد، سواء في هذه المدينة أو الأخرى، وهي كنز وتراكم لتجارب محلية سوف تظل في البلد كمرجع أو قاعدة يتعلَّم منها أفواج من العناصر الجديدة المستقبلية، بينما في بعض المدن المحلية أو الخليجية دائماً ما تستعين بالعناصر المتعاقد معها للتسيير أو الإشراف أو وضع الخطط والبرامج، وتصل في النهاية إلى مثل الذي يطير البالونات في الفضاء، أقول إن معارض الكتب فرصة كبيرة لتدريب الشباب الجدد على التسيير والإشراف وأخذ الخبرة والمعرفة في فن العروض وفن تقديم الكتاب من الخبرات التي نحضرها، فهل نحن فاعلون...