إذا أردنا أن نكون شفافين، يجب أن نعترف بأن هناك من شكك بجدوى دمج الشباب والأهلي ودبي في نادٍ واحد، لا بل هناك من تمنى أن تعود هذه الأندية من جديد كما كانت، بسبب العشق القديم لكل واحد منها بشكل منفرد، والأكيد أن القيادة عندما اتخذت هذا القرار، فهي درست كل أبعاده وجوانبه وتبعاته وتأثيراته، ولكننا نعرف مدى حكمة وبُعد نظر من اتخذ القرار، وكيف جعل من بلده منارة للعالم، ومن استطاع أن يحرث الصحراء، قادر على أن يعرف ما الذي سيفعله قرار، مثل دمج ثلاثة أندية في كيان واحد، ورغم البداية المتعثرة، إلا أن أي كيان جديد، لا بد له من مرحلة انتقالية، يحاول خلالها التكيف مع ظروفه الجديدة، ويحتاج أيضاً إلى وقت، حتى تتجانس كل مكوناته الإدارية والفنية، ويحتاج أكثر ما يحتاج إلى «الصبر»، الذي نعرف أنه إلى حد كبير مفقود في منطقتنا، رغم أننا نتغنى به كثيراً في مجالسنا وحياتنا اليومية، ولكننا لا نمارسه في رياضتنا ولا كرتنا.

الصبر والتجانس والحكمة من قيادة هذا الكيان الجديد، أهلته إلى أن يتوج مؤخراً بأغلى الألقاب، وهو لقب كأس صاحب السمو رئيس الدولة، بعد مباراة رائعة أمام الظفرة، وفي ملعب رائع هو استاد هزاع بن زايد.
اللقب الذي أسعد منسوبي النادي «من الأهلي والشباب ودبي»، حفزهم للتطلع إلى المستقبل، والمنافسة عربياً وآسيوياً، كون الفريق قد حقق لقب كأس الخليج العربي أيضاً، بفوز كبير على الوحدة، وهو الآن على أعتاب تحقيق الوصافة في دوري الخليج العربي، والتأهل إلى دوري الأبطال، والجميل في الموضوع أن من يتصدر أمامه هو الشارقة الذي كان أيضاً نتاج دمج ناديي الشارقة والشعب، ووقتها سمعنا الكلام نفسه، عن ما جدوى الدمج، وأين يذهب عشاق الشعب، وها هم الآن يقفون بقوة من المولود الذي جعل من الكيانين قوة محلية كبرى، وأعاد اللقب إلى خزائن الشارقة، بعد نحو ربع قرن من الغياب، علماً أنني سأضع لكم الكلمات الحرفية التي تم استخدامها في قرار الدمج الذي قرره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ تقول العبارة «بهدف الارتقاء بمستوى الرياضة في الإمارة، وتوحيد الجهود وتضافرها خدمة للرياضات والألعاب الجماعية والفردية كافة».
وبالفعل فقد أبهرت رياضة الشارقة، وليس كرة القدم وحدها، وأثبت الدمج، أنه قرار صائب بعيد النظر، هدفه الارتقاء بالرياضة، وليس تحجيمها أو التقليص من نفقاتها فقط، كما تصور أو حلل البعض آنذاك، وما تم صرفه على الناديين من جلب أسماء كبيرة ومحترفين ممتازين أثبت أن الفكر من وراء الدمج، لم يكن مادياً فقط، بل له أبعاد أخرى، بدأنا نراها ونلمس آثارها نتائج وإنجازات.