- هناك أناس كثر ممن يمتهنون عمل الإرهاق للآخرين، ويزيدون على خجلهم بطلبات عسرة، هي أشياء صغيرة، لكنها مضجرة حد الصداع اليومي، مدركين أنك لن تقول: لا! يظهرون لك فجأة من خلال الهاتف، وبالمصادفة البحتة في مكان ما، عند مصلح عجلات السيارات مثلاً، لا أنت كنت تتوقع أن تراهم، ولا هم عاملون حسابهم أنهم سيرونك، فيطلب الواحد منهم طلباً من تلك الأشياء البسيطة، لكنها مرهقة، لا أنت لديك تلك النفسية والروح و«البارض» لكي تنفذ طلبه أو ترد على استفساراته المجانية، هؤلاء الناس هم من نطلق عليهم صفة المتعبين في الأرض.
- تكون في أمان الله جالساً تراجع حساباتك المتعثرة، ودفاترك التجارية، ما للدائن، وما للمدين، وقبل أن تصل لحسابات البيدر، ومحصول السنة، وكيف لك أن تتغلب على الديون المعدومة، يتصل واحد، وتقول في خاطرك: إن شاء الله ما يطلب سلفاً، لأنه لا في وقته، ولا أنا الإنسان الصحيح في الوقت الصحيح، وبعد السلام والتحية، والأخبار والأحوال الجوية، تقول في خاطرك والأرقام تتراقص أمام عينيك، إذا طلب أكثر من عشرة آلاف، يمكن أعتذر منه، لكنه يخيب ظنك بطلبه الغريب والمتعب: أقول لك إذا تعرف حلاقاً لبنانياً شاطراً ورخيصاً، وعنده صبغ ياباني أصلي، يا أخي الحساسية بهدلتني، وإذا عندك «اللوكيشن» لصالونه أرسله من فضلك!
- تكون للتو منتهياً من ضرابتك مع الحرم المصون، بسبب شرائها للعبايات تصفها في «الكبت» وتنساها، وشيء من العبي عندها منها اثنتان، ولا تدري، تخرج من المنزل تغلي، وتريد أن «تتداغش» مع أي واحد، يرن هاتفك، يظهر اسمه على الشاشة، فتقول في خاطرك: لو عزمني على فنجان قهوة، وتحادثنا كما كنا أصدقاء طفولة، يمكن أن يخفف عني، لكنه يقطع عليك من أول الطريق: يا أخي مستعجل، وأريد رقم فلان ضروري جداً، وما أحد يعرفه مثلك، تتذكر في ظل الهواتف الذكية حتى هاتف الزوجة التي أنت «متضارب» معها قبل شوي، لا تحفظه، تفتش وتريد أن تنقّله إياه، ولا يمدي لك تقول: صفر خمسة صفر، فتسمعه يلجمك: من فضلك أرسله لي «مسج»، ما أقدر أحفظ، وما أقدر أكتب وأنا أسوق، تبهت ولا تعرف ما تقول!
- تلتقي مصادفة بشخص تعرفه في دائرة حكومية تراجعانها، وبعد السلام يتولاك بالشرح الممل لمشكلته، وكيف إيجاد الحلول الناجعة لها، وما هو رأيك لو ساعدتني، وكلمت فلان؟ ما أعتقد بيردك، و«بعدين في وايدين»، حلّوا لهم أكبر من مشكلتي، تهدأ قليلاً وتقول في خاطرك: هذا لو لم يرني اليوم ما كان اتصل بي، ولا حملني وزر مشكلته، وبعدين أنا آت لهذه الجهة لأحل مشكلتي، وها أنذا أخرج بمشكلتين!
- المتعبون في الأرض يمكن للواحد منهم أن يتصل بك في عامنا الجديد 2020، وزمن «إكسبو»، ويقول لك فجأة: عندك خنجر تسلفني إياه مع محزم علشان عرس واحد من «الخويا» يوم الجمعة!