الطريق إلى قلبك وعر، والأشواك تحيطه من كل جانب، وأنا لا زلت طفلاً، قلبي يؤلمني كلما هف طارق من جهة اليسار، فأشعر بالدوار، أشعر بأن الغيمة التي تظلل رأسي قد ذابت في جحيم النار، وأن النجمة التي أضاءت في يوم ما قد غادرت منزلي، وأصبح القمر مثل فنار بشمعة متآكلة، يخبئ الضوء خلف مسحوق أسود، هو آهاتك القديمة، والشمس تبدو مثل حجر أصم يكسوه الغبار.
أشعر أن قلبي مثل إسفنجة، تمضغها أرنبة مذعورة، أشعر أن روحي مثل فقاعة، على ظهر موجة عارمة، أشعر أن الأحلام مثل طيور أبابيل، تحلق فوق رأسي، أشعر أن السرير الذي يحمل جثتي مثل نعش خافق بأحزان تاريخية، منذ زمن عاد وثمود، أشعر أن الناس من حولي مثل ذرات غبار، تسقط على رئتي فأختنق، أشعر أن الجدران مثل أعجاز نخل خاوية، تريد أن تطيح بي، أشعر أن الصور القديمة المعلقة في الزوايا، مثل كائنات خرافية، تبحلق في وجهي ولا تبتسم، أشعر أن الكتاب الذي أضمه بين يدي بلا كلمات، وصفحاته تتراكم مثل خشاش الأرض، أشعر أن المسافة بيني والمرآة، تعرقلها وديان من الأحداث المريرة، أشعر أن صورتك في المرآة، مثل شبح الحضارات البائدة، أشعر أن الذكريات التي يجلبها عقلي مثل هجمات بربرية، تغتال في نفسي كل بارقة أمل، أشعر أن صوت أمي الذي يأتيني من بعيد، مثل هدير العاصفة، يهددني ويحذرني من الاقتراب من النار.
أشعر أن في صوت أمي بحة غريبة، تشبه الرغاء، أشعر أني في الصحراء، تأخذني نواياها الشريرة إلى بئر معطلة، وبلا ماء، أشعر أن الأشجار في صحرائي، تعوي ولها أنياب ومخالب، ولها وجوه تشبه الأحجار، أشعر أن الطيور التي تقف على الأغصان مثل طائرات حربية، تلقي بالغضب على رأسي، وتغادر وهي تتوعد بمزيد من العقاب، أشعر أن الحملان الوديعة أكفهرت وجوهها وتوحَّشت، ما يجعلني أثب بعيداً، فاراً من المهزلة، أشعر أن بعض الأشخاص أموات، فقط تأخر دفنهم، وأن بعضهم لديهم مشاعر كنشارة الخشب.
أشعر أنك من بين الحشود مثل أحفورة، طليت بمساحيق قبيحة، حتى صرت مثل دمية، وضعت تحت لهيب الشمس منذ أزمنة غابرة، أشعر أنك لست أنت، بل أنت بطلة مسرحية هزلية خاوية من المعنى، أشعر أنك منذ أن عبرت الصحراء إلى ما بعدها، أصبحت وعاء خاوياً مليئاً بالحثالة، وبقايا بصاق المجذومين والمأزومين بالأنا.