أكرم يوسف سافر في العيد إلى بلده مصر كي يقضي الأيام السعيدة بين أهله وأصدقاء العمر، ولكن ربما كان للقدر حكمة أخرى فيها ينهي الرجل النبيل حياته على أرض الكنانة، وألا يذهب إلى أهله محمولاً في تابوت خشبي.. كان هذا هو قدره وكانت هذه هي الجائزة الكبرى التي يستحقها هذا الإنسان، وهذا الصحفي الأريب، والذي ملأ وجدان كل من زاملوه ورافقوه رحلة الكتابة على صفحات الفرح اليومي بكل ما فيها من تعب وسغب ورهب ونكب.. بابتسامة أشف من الحرير ولغة أعذب من ماء النهر.
كان بصوته الهامس يبدو مثل النسيم يهفهف مشاعر زملائه رغم ما لمهنة الصحافة من شظف وكلف ونزف وغرف وسطوة الأخبار التي تداهم الصحفي مثلما تفعل الأمواج في صدور السفن.
أكرم يوسف، ترك مقعده في جريدة الاتحاد ولكن ستبقى صورته ماثلة أمام أعين محبيه وهم كثر. ستبقى ابتسامته تفترش المكان مثل فراشة تبحث عن وجودها في عالم تبقى ذاكرته مفتوحة للنجباء رغم الضجيج ورغم الضوضاء.. لأن جمال النجوم لا تذروه رياح الزمن، وأكرم يوسف اتشحت شخصيته بجمال الخلق وجلال السجية وكمال القيم الإنسانية التي جللت هيئته بين رفاق دربه.
في بلاط صاحبة الجلالة صحيفة «الاتحاد» التي أصبحت اليوم قلعة من قلاع النبوءات الخبرية وتاجاً من تيجان العمل الصحفي المبجل.. وأكرم يوسف واحد من أولئك الفرسان الذين عبروا الهضاب والشعاب كي تحقق الاتحاد إنجازها المعماري في مجال الصحافة.
أكرم يوسف في القسم الرياضي كان النخلة الساعية إلى بناء خلية الخبر الرصيد.. كان النخلة التي تذلل عناقيد الفكرة من أجل حصاد صحفي يبهر القارئ ويحقق للصحيفة سبقها الإعلامي لتبقى الاتحاد دوماً على قمة الهرم، وفي مقدمة الجياد الذاهبة إلى المجد بقوة الإرادة وعزيمة من يتفانون لأجل النجاح والاستثنائية والفرادة، وأكرم يوسف أحد هؤلاء الرسامين الأفذاذ الذين وضعوا الصورة في قلب المشهد الإعلامي وكانت في قلب الصورة ترويسة الاتحاد، والتي تحمل أهم وأعز اسم ترسخ في وجدان كل مواطن ومقيم، وهو اسم هذا الوطن، هذا النسق وحلم الأبدية.
رحل أكرم يوسف وفي قلبه الكثير من الصور الجميلة عن الإمارات وأبناء الإمارات، كما أنه رحل وترك صورة أبهى من الشمس وأزهى من وجه القمر في وجدان كل من عاشرهم وارتشف معهم كأس الشاي في مطعم الاتحاد أو في أي مطعم في شوارع العاصمة أبوظبي.
أكرم يوسف.. غاب عن البصر وسيبقى في البصيرة، رواية لم تكتمل فصولها لأنه ما من عزيز يرحل إلا وفصوله تبقى مفتوحة على الأندية لأن الأجساد تذهب ويبقى الحب حاضراً ينمو في الوجدان مثلما تنمو كرات الدم في الجسد.. رحم الله أكرم يوسف والصبر والسلوان لأهله وزملائه وأصدقائه.