خسرت كأس آسيا 2019 بخروج المنتخب السوري من البطولة، ولعل المدرجات هي الخاسر الأكبر، حيث ستفتقد ذلك الزخم الجماهيري الهائل الذي كان يقدمه المشجعون السوريون في مختلف الملاعب، ولعلها واحدة من أكبر مفاجآت البطولة أن يودع «نسور قاسيون» من الدور الأول، بعد أن كانت الوعود التي أطلقها الاتحاد السوري لكرة القدم هي الوصول إلى الدور نصف النهائي على أقل تقدير.
تلك الوعود وصدى المفاجأة لم تكن من فراغ، فهذا الفريق الذي كان قبل عام ونيف على وشك الوصول إلى نهائيات كأس العالم، وكاد يقصي المنتخب الأسترالي الذي عانى الأمرين من نجوم سوريا على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها لاعبو سوريا في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأشقاء هناك منذ 8 سنوات.
ومن واقع الظروف الصعبة ومن رحم المعاناة يولد جيل يعتبر من أفضل الأجيال في تاريخ الكرة السورية، وهو الفريق الذي يضم مهاجمين يحلم بهما أي مدرب في آسيا وهما عمر السومة وعمر خريبين، كما أن المنتخب السوري كان يلعب وتؤازره جماهير عريضة عاشقة لا تهدأ ولا تصمت طوال 90 دقيقة، ولعل التعادل في المباراة الأولى أمام المنتخب الفلسطيني كان مسمار النعش الأول في تابوت الخروج السوري الحزين.
لا جديد في الكرة السورية ولا تختلف طريقة إدارة اللعبة هناك عن الكثير من الاتحادات العربية حيث التخبط والفوضى، وفن إضاعة المكتسبات هو السائد، ولم ينجح اتحاد الكرة السوري في استثمار النجاحات المميزة التي حققها المنتخب خلال السنوات الماضية، وكانت البداية بالتخلي عن المدرب أيمن الحكيم الذي قاد الفريق إلى الملحق الآسيوي في تصفيات كأس العالم، والاستعانة بمدرب كان متقاعداً وهو الألماني برند ستينغ، والذي تراجع عن تقاعده بعد تلقيه العرض السوري.
واليوم بعد الخروج المُر من كأس أمم آسيا لا يجب أن تدفع الكرة السورية ثمن تلك التراشقات الحاصلة حالياً بين مختلف جهات اللعبة، ولكن يجب الاستفادة من هذا الدرس القاسي في إعادة هيكلة اللعبة عن طريق الاستعانة بالأشخاص المناسبين لإدارة كرة القدم، وتقديم المصلحة العامة على كل المصالح الشخصية، والبدء من جديد في رسم مستقبل أكثر جمالاً للعبة هناك.
لم تتوقف الكرة السورية يوماً عن إنتاج المواهب ولكن هذا لا يكفي لتحقيق الإنجازات، إذ لابد من وجود عقليات إدارية ناجحة قادرة على استثمار هؤلاء النجوم وإدارة اللعبة بالشكل الصحيح واستخلاص دروس المرحلة الماضية من أجل غدٍ أفضل لـ«نسور قاسيون».