في عصر السوشيال ميديا، تداخلت الأمور وبات الجميع يستطيع أن يلعب دور الصحفي أو الإعلامي، لأن كلمة إعلامي هي من الإعلام والمعرفة وإيصال المعلومة للآخرين. وبما أن «الآخرين» جميعهم باتت لديهم هواتف ذكية، موجود فيها وسائل تواصل، تصل إلى عشرات الملايين من الناس، لهذا تحول الإعلام الجديد إلى إعلام «كل من هب ودب»، فأي شخص يستطيع وضع خبر أو صورة أو فيديو أو معلومة، وأي شخص يستطيع «فبركة» ما يريد، إن كانت لديه بعض المهارات الأساسية في الميديا.
الفكرة أن الإعلام الجديد أو إعلام السوشيال ميديا أو المواقع الإلكترونية ليس إعلاماً موثوقاً ولا مصدراً أكيداً للخبر، رغم أنه قد يكون مشفوعاً بفيديو، ولكن كل شيء قابل للفبركة والتجزئة والانتقاص والانتقائية.
ويجب على المتلقي والناقد أن يفرق بين إعلامي يعمل في وسيلة رسمية، وناشط على تويتر أو سناب أو فيسبوك أو إنستجرام، وهؤلاء الناشطون قد لا تكون الحقيقة أو المعلومة الدقيقة هي هدفهم الأول، بل قد تكون الإثارة وجذب الانتباه وزيادة عدد المتابعين هي الغاية الأولى على حساب المهنية، وأحياناً على حساب المصداقية، وربما الأخلاقيات في بعض الأحيان.
لهذا فمن الطبيعي، وسط مثل هذه الأجواء، أن تتداخل الأخبار والقراءات وتتنوع المصادر والمتمصدرين، أعتقد أنها كلمة جديدة على قاموسنا، لأن هناك من يتمصدر ويدعي أنه واسع المعرفة والإطلاع، وكل ما يعرفه في الحقيقة هي إشاعة سمعها في مجلس أو من صديق، ولكن، ولأن له متابعين كثر على السوشيال ميديا، تجد «معلومته» الاهتمام من عدد كبير من الناس، ولكن هذا لا يعني أبداً أن نسمع مثل تلك الاتهامات حول الإعلاميين الحقيقيين، وإن كان بعضهم يتمصدر ويتضح أن مصادره غير دقيقة وأن كلامه غير صحيح فيجب ذكره بالاسم، وليس تعميم اللوم والعتب وحتى الإدانة على جميع الإعلاميين من مهنيين وغير مهنيين.
تحري الدقة والموضوعية والصدقية هي أساس العمل الصحفي، ولكنها ليست أساس عمل المنتشرين عبر السوشيال ميديا، ونتفق أن هناك الكثير من الإعلاميين الذين يبحثون أيضاً عن إثارة وعن متابعين وفولورز، ولهذا إما يستعجلون وضع معلومة غير موثوقة، أو يخترعون أو تكون مصادرهم مضللة، وهنا عليهم الاعتذار علناً كما كانت تغريداتهم أو بوستاتهم علنية. والأهم أن علينا جميعاً التروي وتحري الدقة قبل تصديق أي خبر من أي كان.