نسمع عن مبنى صديق للبيئة أو صديق لأصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة، وفنادق صديقة للحيوانات الأليفة، ولكن بعض المطورين العقاريين عندنا ابتدعوا مصطلح «بنايات صديقة للحيوانات» لتبرير سكوتهم عن بعض الممارسات والظواهر المقلقة التي ظهرت جراء إصرار بعض المستأجرين للشقق السكنية على تربية وإيواء فصائل شرسة من الحيوانات لإرضاء أمزجتهم دونما أدنى اكتراث بمشاعر وراحة بقية سكان المبنى.
استمعت قبل أيام لطبيبة تبث معاناتها عبر البرنامج الجماهيري «استوديو1» من إذاعة أبوظبي جراء تربية بعض ساكني البناية التي تقطن فيها لنوعية مخيفة من الكلاب الشرسة، ويدخلون بها لمصعد البناية بما يثير رعب الصغار، وكذلك تقلق بأصواتها المزعجة السكان خلال ساعات راحتهم.
عندما رفعت السيدة شكوى بالأمر للشركة المسؤولة عن المبنى، قيل لها بأنه «صديق للحيوانات»، أي إما أن تقبل بالوضع الحالي أو ترحل وتبحث عن سكن آخر مع ما ستتكبده جراء ذلك من مصاريف باهظة عند الانتقال، ويدركها جيداً كل من مر بهذه التجربة.
واستضاف البرنامج بعد أيام من ذلك الاتصال مسؤولاً في بلدية عدّد أنواع المخالفات والغرامات المترتبة على مثل هذه السلوكيات، معلناً خلال اللقاء أن التصنيف النهائي للمباني والأماكن العامة التي يسمح فيها باصطحاب تلك الحيوانات لم يقر بعد، مستعرضاً تلك الأماكن، كالحدائق والمراكز التجارية وحتى مصاعد البنايات التي يفترض أن يخصص بعضها لمربي تلك الحيوانات حرصاً على راحة وسلامة بقية سكان المبنى ممن يعانون من حساسية أو رهاب التواجد والاقتراب من هذه الكائنات.
تعودنا بالفطرة الإحسان والرفق تجاه الحيوانات الأليفة، ولكن بالمقابل لا نستطيع تناسي حوادث جرت، مثل التي حدثت في إحدى ضواحي العاصمة عندما هاجمت كلاب شرسة انفلتت من عاملة آسيوية وطاردت أطفالاً كانوا يلعبون في المكان وأصابت أحدهم بجراح خطيرة. كما انقض جرو -برغم وداعة مظهره- على رضيع كانت تحمله والدته خلال انتظارها لوصول المصعد، مما اضطر عائلته للسفر به لجرّاح في إيطاليا متخصص بمثل هذه الإصابات.. حوادث متعددة لسنا بصدد استعراضها، ولكنها تذكرنا والجهات المعنية بضرورة إصدار اللوائح المنظمة لمنع أي تجاوزات أو وقوع حوادث تمثل خطورة على أفراد الجمهور، وبالذات الأطفال، خاصة أن ظاهرة الاستعراض بأنواع خطرة من الحيوانات في الأماكن العامة من حدائق وطرق ومراكز تجارية وتربيتها داخل الشقق السكنية تتزايد.