هذا الخليج المهم كم من حكاية له مع التاريخ والجغرافيا، وكم هي الحوادث التي مرت به وهو يصنع الحياة، وكم قرصاناً عَبَرَ بحره وعَبَثَ بأمنه وسلامته وأثّر في الحياة المسالمة على ضفافه؟ يموت القراصنة ويهزمون، ثم تعود الغربان إلى الظهور من جديد، تنبت وتتضخم إمبراطوريات الحروب والخراب، وتمتد شرورها إلى كل المدن والبلاد، ولكنها سرعان ما تهزم وتتراجع، وتلاحقها شرورها إلى عقر دارها.. هكذا يقول التاريخ.
إنها فترات مد وجزر مثل بحر الخليج العربي، حيث يظهر واضحاً أثر المد الكبير وكذلك أثر الجزر، حقبات تاريخية تأتي وتبرز بقوة عندما ينشغل أهل الخليج العربي عن إعداد العدة لتقلبات الأيام، وعندما يعتقدون أن الشر قد ولى وانزاح بعيداً عنهم. وذلك ما يجعل الشرير يلبس ثوب الصداقة ويتعمم بعمامة الزهد والدين والتقوى، بينما هو لا يختلف عن شرير آخر يعتمر القبعة ويحلم بإمبراطورية ذهبت مع التاريخ القديم.. لكن المسالم العربي يصحو بين ليلة وضحاها على أحداث لا يرغبها، فيستمد من تاريخه وأدبياته القديمة ما يوقظ فيه الحمية، ويستعيد من قصائده الخالدة تلك الأبيات التي تتوافق مع واقع الحال، ومنها: «ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم»، وهو ما يحض عليه كتابه المبين: «وأعدوا لهم..».
فصحوة الأسود والجوارح، هي وحدها التي تهدم أحلام الغربان والضباع وصنّاع الشر في منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية. زمن طويل مر لم نشهد هذه اليقظة على امتداد الجزيرة العربية، وهذا التاريخ يسجل ويؤكد أن قيادات شابة تنهض بالجزيرة العربية وتحمي الدار والأوطان وتقيها مما تصنعه الغربان وتخطط له.
يتعزز كل يوم أمل الجزيرة والخليج العربي بأن تأخذ ناصية صناعة تاريخ جديد وفجر جديد، تراهن على القوة الوطنية وحراسة الدار والجار من خبث ما ابتليت به هذه المنطقة من أولئك الذين يحلمون بالتوسع والاحتلال وزرع بذور الشر والخرافة، في محيط يحلم بالبناء والتعمير والتطوير والتقدم للناس والبلاد، وصناعة مدن حديثة وجديدة برؤية جميلة وراقية، عكس صنّاع الحروب والدمار والخراب في ديارهم وديار الآخرين.
دائماً تبرق الشمس وينير القمر عندما تختفي الغيوم السوداء.