عادة تدفعنا الظروف لنتعامل مع أحدهم فنكتشف أنه مختلف عنا كثيراً، غالباً ما نضع تحت كلمة (كثيراً) خطوطاً لا عدد لها، خطوط تزداد سمكاً كلما نلتقي به، تتحول في زمن ما إلى سد منيع يحول من دون اقتراب أرواحنا. هذا ما يحدث دوماً؛ وكم نكون محظوظين عندما نكتشف أن الآخر يلتقي في شيء نحبه بشدة، كرواية ممتعة، فيلم ساحر، أغنية جميلة، لوحة باهرة، أو لون نحبه.. كالأزرق مثلًا! هل تدرون الذي سيحدث بعد ذلك؟ سيذيب الأزرق كل الفواصل والاختلافات بيننا، سنتشارك حب الأشياء ذات اللون الأزرق، وقتها سنلتقي في أشياء بحجم السماء وعمق البحر.. أليس لها نفس اللون؟! كل شيء في هذا الكون يلتقي بالآخر في نقطة ما، نقطة كفيلة بإحداث انفجارات كونية لإعادة ترتيب العالم من جديد، ليكون أكثر ترابطاً والتصاقاً، عالم تفرد فيه الاختلافات أجنحتها لتضم أطرافه في حضن دافئ، هو الأصل؛ فمهما كانت أشياؤنا مختلفة وأفكارنا متناقضة، وأمنياتنا لا تشبه بعضها، إلا أن لنا قلوباً بالتأكيد تنبض بنفس الطريقة. ابحثوا عن نغمة دقات تلك القلوب، فقد تنسجم في جملة موسيقية لم يبدعها أحد بعد؛ ابحثوا عن لون الآخر المفضل، فقد يكون بداية لتدفق نهر وانفجار شلالات تجري فيها.. كل ألوان قوس قزح. ابدأ يومك بالمختلف، لأنه سيمنحك تفاصيل بكر لا تشبه شيئاً عرفته، ستجد فيها وجوها لأناس يشبهون ألوان الطيف بعد يوم ماطر؛ أناس سيمنحونك عندما تلقاهم لوناً ستحبه؛ سيعيدون خلط ألوان الطيف السبعة ليصبغوا دروبك؛ سيضيئون الكهوف المظلمة، وينشرون في العتمة إضاءات ساحرة؛ سينثرون الشهب في السماء الحالكة؛ لا يهم جنسهم أو أعمارهم، المهم أن تصلك عدوى حضورهم المبهج بصدق، كأوراق النعناع النضرة التي تلمس شغف كل حواسك بلا استثناء. برفقتهم تنتشي النفس، وترطب أوراق الروح الهشة، وننقذها قبل أن تهرس في نهار خريفي؛ سيحدث كل هذا فقط لو تحدثنا عما نحبه.. حتى لو كانت ألواننا المفضلة.