قبل انطلاقة كأس الأمم الآسيوية، وبعد أول تأهل لها في تاريخها إلى البطولة القارية، قال الروسي ألكسندر كريستينين مدرب منتخب قيرغيزستان: «لا شيء لدينا لنخسره.. كل ما نحققه هو ربح لنا».. الرجل قال ذلك، وتعهد أيضاً بالقتال والمنافسة للتأهل إلى دور الستة عشر، وقد أوفى بوعده، حتى لو كان قد تأهل من باب أفضل «ثوالث»، فذلك أيضاً كان خياراً وكان فرصة، لم ينجح البعض في تحقيقها.
مثل هذا الفريق تخشاه.. القادم من المجهول، والعازم على أن يودع هذا المجهول وأن يجد لنفسه مكاناً تحت الشمس.. الفريق الذي لم يكن له وجود في عالم كرة القدم، واستطاع في سنوات قليلة أن يحتل المرتبة الحادية والتسعين في التصنيف العالمي، ليسبق منتخبات عتيدة في «القارة الصفراء»، مثل أوزبكستان وكوريا الشمالية، عليك أن تخشاه.. هو فعلاً ليس لديه ما يخسره، لكن نحن لدينا ما نخسره، وإذا كان قد تأهل لمواجهتنا في الدور الثاني للبطولة، فلن يكون أبداً نزهة، وإنما تحدٍ يستحق كل ما يلزم لمواجهة التحديات.
الرياضة في قيرغيزستان، قد تعطيك ملمحاً بما يستطيعون.. أولئك الذين يتريضون بجر الماعز على أحصنة، لرميها في مرمى صغير، وتمثل تلك رياضتهم الأشهر واسمها «بوزكاشي».. هم من واقع مختلف.. قد لا تكون الكرة حاضرة بقوة في بلد يسكن على طريق الحرير، لكن يبدو أنهم إن أرادوا فعلوا المستحيل ليحققوا ما يريدون.. قالوا سنقاتل لنمضي إلى دور الـ 16، وفعلوها، حتى لو كان ذلك بشق الأنفس، ويكفي أنهم تأهلوا من مجموعة نارية، كانت تضم معهم كوريا الجنوبية والصين والفلبين.
أحلام «صائدي المعيز» يجسدها نجمهم الهداف لوكس الذي لا يحصل على شيء نظير انضمامه للمنتخب بخلاف تذاكر السفر والإقامة والطعام في المعسكرات.. هو يذهب إلى العمل في الثامنة صباحاً ويعود في السادسة مساء، ويعمل ثماني ساعات في التجارة.. الكرة بالنسبة له كحال بلاده، منفذ على البحر الذي لم يروه من قبل، وليست لهم منافذ عليه.. الكرة لديه ولدى كل أقرانه منفذ على الأمنيات وعلى الحياة.
قد تبدو مواجهة قيرغيزستان في دور الست عشرة فرصة من ذهب لـ «الأبيض» وعبوراً مضموناً إلى دور الثمانية، لكن تجربتنا في الدور الأول وحال البطولة ككل، يؤكد أنه لا يوجد منتخب جاء «لإكمال العدد»، ومثل هذه المنتخبات الباحثة عن المجد، هي الأولى بأن تخشاها.. مثلها في مغامرات، فلا تدعوهم يفوزون «باللذات» يا رجال الإمارات.

** كلمة أخيرة:
الضيوف الجدد.. أولى بالاهتمام