أتطفل بين الفينة وأختها على بعض التطبيقات الذكية والمواقع التي تجتهد لتفسير وتوضيح معاني المفردات الإماراتية التي تُعتبر العمود الفقري للهجة المحلية المتجذرة في اللغة العربية الأصيلة حسباً ونسباً وشريان الهوية الوطنية النابض بروح الإمارات وحضارة أهلها العريقة.
واستوقفتني مفردة «رغيب» إذ كانت والدتي ـ رحمها الله ـ تنهانا عن الرغابة؛ يقول التطبيق الذكي إن لكلمة رغيب جذوراً ممتدة في العربية الفصحى ويُعَرِفُهَا على أنها «صفة تُطلقُ على الجَـشِعْ في مسألة الطعام ولا يحب أن يشاركه أحدٌ ما» وعلى ذلك ذهبت إلى لسان العرب للاستطلاع والتحري فيقول ابن منظور: «...الهَيْقَمُ الرَّغيبُ من كل شيء. والهَيْقَمُ: صوتُ ابْتِلاع اللُّقمة. ابن الأَعرابي: الهَقْمُ أَصواتُ شرب الإبل الماء» وفي موضعٍ آخر يضيف «الرَّغيبةُ: الأَمرُ المَرْغوبُ فيه... ويقال: رَغِبْتُ بفلانٍ عن هذا الأَمرِ إذا كَرِهْتَه له، وزَهِدتَ له فيه. والرُّغْبُ، بالضم: كثرة الأَكلِ، وشدة النَّهْمة والشَّرَهِ. وفي الحديث: الرُّغْبُ شُؤْمٌ؛ ومعناه الشَّرَه والنَّهْمة، والحِرْصُ على الدنيا، والتَّبَقُّرُ فيها؛ وقيل: سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الكثير. وقد رَغُبَ، بالضم، رُغْباً ورُغُباً، فهو رغيب. التهذيب: ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ. والرَّغيب: الواسع الجوفِ. ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إذا كان أَكُولاً وهو واسعُ الجوف، لا يَشْبَعُ.... وسيفٍ رَغِيبٍ أَي واسِعِ الحدَّينِ، يأْخُذُ في ضَرْبَتِه كثيراً من المَضْرِب. وفرسٌ رَغِيبُ الشَّحْوةِ كثيرُ الأَخْذِ بقوائمهمن الأَرض وفرسٌ بعيدُ الشَّحْوةِ أَي بعِيدُ الخَطْو». ويعطينا على ذلك مثل حديث أَبي الدَّرْداءِ: «بِئْسَ العَوْنُ على الدِّين قَلْبٌ نَخِيبٌ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ؛ النَّخِيبُ: الجبانُ الذي لا فُؤَادَ له، وقيل: هو الفاسدُ الفِعْل؛ والمَنْخُوبُ: الذاهبُ اللَّحْم المَهْزولُ».
للعارفين أقول: علينا أن نضاعف رغباتنا لفهم واحتواء وممارسات لهجتنا المحلية كل يوم وأن نبحث عن حذافيرها في اللغة الأم حتى لا تفرط من يدينا. الغوص عمقاً لتعزيز الهوية بترصيع هذه المصطلحات بأبياتٍ من الشعر أو الأمثلة الشعبية التي تترسخ في الذاكرة وتنقش على جدرانها صورة ذهنية تكرس ديمومتها والاستدامة. مثال على ذلك المثل الذي كانت تردده والدتي-رحمها الله-لتنهانا عن الأنانية والرغابة وتحفز فينا القناعة وحب الآخر وهو «الرغيب عطوه مصر ماسدته!!»