البرد يشتد الآن في الإمارات، ويزيد من معدل الاهتمام بالصحة والدفء، البحث عن الأماكن الدافئة حتى وإن ذهبت إلى الصحراء وتمتعت بروعة الفضاء المفتوح وجمالية الرمال. لكن في لحظة الفرح هذه، وفي المساءات الجميلة والبديعة حيث السماء الصافية أو الملبدة بالغيوم أو الممطرة، فإنك تبحث عن دفء نار الحطب. تقترب أكثر حتى تكاد تلامس الجمر، بين الدفء والبرد علاقة حميمة وشوق عجيب. البرد يجعلك تشتاق إلى الدفء والنار، تحب اللهب وتفرح لسناه ورؤيته، تعشق النار والجمر، تعشق المرأة ودفء حضنها، وهي كذلك تعشق المطر واشتعال الحطب في المواقد، تماماً كما تحب الزنجبيل باللبن أو الحليب وقد تحبه حاراً مع الماء والسكر، وأيضاً تحب الزعتر مع الزيت، زيت الزيتون والخبز يطيب أكله في المساء أو الصباحات الباكرة..
الزنجبيل صديق جميل قديم جديد في هذه الفصول الباردة. عشبة عجيبة في شكلها ولونها وطعمها حتى تعرجاتها واختلافات تفرعها تشبه الحياة والأيام.. تشبه عناقات الأشياء مع بعضها تلاحم الأفرع التشكيلات العجيبة، فقد تراها حصاناً يعبر الفلاة جرياً نحو العلا، صوب المرابع البعيدة، وقد تشاهدها نسراً يفرد أجنحته للريح محلقاً في الفضاء أو تشاهدها على شكل عناق محبَّين أو أم لطفلها أو أب لأولاده، بل قد تكون على هيئة سفينة أو سمكة.. وحدك تحدد نوعها. إنه الزنجبيل ذلك الرمز الجميل للدفء والحب وقوة التوحد بين مادة وأخرى، بين الحليب والسكر وحرارة اللقاء ودفء المشاعر الإنسانية. كل شيء يوحي بأنها نبتة مهمة في الحياة ولا يعادلها غير الزعتر، هذا الأخضر المختلف. هذا البديع الذي أعطاه الإنسان حب الحياة وعشق الأيام، خاصة في بعض مدن الشرق وبلاد الشام. أنت أخضر وبديع وجميل بصباحات الزعتر ومساءات دفء الزعتر أيضاً، تستطيع أن تقول لمن تحب، أنتِ طعم الزعتر في الليالي الباردة. أنتِ دفء الزعتر في اشتداد الرعود وتساقط المطر. لا حياة جميلة ومختلفة الطعم والذوق إذا لم يدخلها شيء من الزعتر والزنجبيل، شتاء بلا زعتر ولا زنجبيل صعب أن تقول جاء الشتاء وجاء البرد والمطر..
شتاء الإمارات هذا العام عجيب، جميل، بديع، أمطار كثيرة وبرد يتناسب مع طبيعة هذه الأرض الصحراوية الجميلة، وفرة في المياه وازدهار في الزراعة منتظر بعد أن فاضت السدود وتدفق الماء والمطر ليشمل كل ناحية، فرحة كبيرة لدى الجميع.. وحده الأروع برد مع الزنجبيل والزعتر والحضن الدافئ هنا مثل دفء هذه النباتات الشتائية الجميلة.