كل فصل له خاصيته، ويتميز بصور جميلة حتى وإن زادت الفترات التي يتذمر الناس منها، خاصة في الجزيرة العربية، وهي فترة الصيف والقيظ التي تزداد فيها الحرارة إلى درجات لا تطاق، ولكن تكيّف الإنسان مع الظروف هو المكسب للبيئة والفرد. وعندما نعاين هذه الفترة الزمنية في زمن الأجداد، نجد أن هناك الكثير من الظروف الصعبة تجاوزوها برضا ومحبة لأرضهم ووطنهم وناسهم، لم يهزمهم الحر والرطوبة، ولم يؤثر فيهم تغيّر الحالة المناخية في فصل الشتاء، حيث البرودة والصقيع في بعض أجزاء الجزيرة العربية، وكأن فترة الرطوبة والحرارة الخانقة يقابلها ظرف صعب آخر في مكان آخر. كل هذه الظروف تعداها إنسان الجزيرة مع دخوله إلى العصر الحديث التالي لعصر الشقاء والخوف والفقر والعوز، وكم هو لافت ما تمنحه الحياة للإنسان وكم هو قوي ومتفاعل مع محيطه.
اليوم تمضي دول الجزيرة العربية أو بعضها في خطوات متسارعة نحو رسم صورة جديدة للحياة والتفاعل معها، وهذا بلدنا العزيز الإمارات يقدم نماذج رائعة ومختلفة في تطويع الأماكن والمناطق والحياة حسب ما تشتهي، بالعزيمة والإرادة وقوة الأمل لدى الأجيال الجديدة، ومن المهم استمرار هذه المشاريع الرائدة في تطويع بعض المناطق والظروف.
فإذا ما نظرنا إلى البحر، نجد مشروعات تغلّبت على طبيعته الصعبة المشبعة بالأملاح، ونشاهد كيف تم تحويل الشواطئ والجزر والأماكن التي كانت صعبة في الماضي إلى مرافق وحدائق ومبان جميلة، وكذلك نجد أن الجبال الصلبة والجرداء، قد تحولت إلى مناظر وأماكن سياحية جميلة، تمتد فيها الطرق والأنفاق التي تغلّبت على الصخور الصلبة وطوّعت الجبال الوعرة إلى طرق سالكة.
ومن أهم منجزات هذا البلد هو صنع قوة رادعة لكل شرير بسواعد الأبناء الشباب، فهم درع الوطن وحماة الأرض والبحر والسماء، فخر الإمارات اليوم هؤلاء الشباب جنودنا البواسل في الميدان، جيش الإمارات الذي يعتز الجميع به وبالفكرة الرائدة في النهوض به ليصبح فخرنا جميعاً.
نعم الإنسان هو صانع الحياة والأمل، ولعلّ مقاربة صعوبة البيئة والطبيعة وتحويلها إلى شيء آخر يخدم الناس والبلد وهزيمة الصعاب دائماً.. هذه الفكرة أو المقاربة تمثل اليوم مقدرة هذا البلد على تسخير كل شيء في خدمة الناس والمجتمع، وتفعيل الإيجابيات الكامنة تحت غطاء التحديات، وترجمة الأحلام إلى أفعال.. وبالتالي فإن القيظ، لم يعد فصلاً مثبطاً للعمل والنشاط، ولكنه دافع للإنجاز والعطاء.