منذ 25 مارس 2015، تتمسك الإمارات بثوابت أساسية تجاه اليمن الشقيق. لم تتغير ميدانياً وسياسياً، إلا وفق اعتبارات المعركة على الأرض، وتبعاً لما يقرره العسكريون من انتشار تكتيكي في هذه المنطقة أو تلك، أو لدعم قوات الشرعية في خريطة الحرب، أو لدرء الأذى عن المدنيين، فنحن إزاء عدو، يعتبر الأحياء السكنية، والمستشفيات، والمساجد أهدافاً حيوية لإرهابه الأعمى.
مثلاً، فإن إعادة انتشار قواتنا المسلحة في الحديدة، لأغراض تكتيكية، تصب في هذا الاتجاه، مثلما هو الحال في نهوض الإمارات بمسؤوليات ميدانية لقطع إمدادات الحوثي، عبر الموانئ، وكذلك الأمر بالنسبة للعمليات الحربية التي حالت دون طموح القاعدة وداعش في إنشاء تشكيل تنظيمي في المكلّا، واستنساخ تجاربهما السابقة في سوريا والعراق.
طبيعة العدو، ومصادر موارده، وتوحشه ضد المدنيين، دوافع أساسية وراء تحريك القوات ونشرها، تبعاً لاعتبارات عسكرية بحتة، تحسب مخاطر الإرهاب على المدنيين بدقة، غير أن الثوابت الإماراتية ما تزال في مساراتها الأساسية: القضاء على إرهاب الحوثي وحلفائه، وتثبيت أركان الشرعية، والحل السياسي، وخلال ذلك كله، تخفيف آثار الحرب على الشعب اليمني، باستدامة المساعدات التنموية والإنسانية، التي بلغت أكثر من 20 مليار درهم في الأعوام الأربعة الأخيرة.
والحوثي، الوكيل الإيراني الواضح، يعلم تزايد خساراته العسكرية، وانكشاف أكاذيبه الإعلامية، إلى جانب انعدام صدقية روايته حول ما يحدث على الأرض، على الرغم من ضخامة الإنفاق الإيراني على أسلحته وعتاده، وماكيناته الدعائية في الدوحة وطهران وبيروت وأنقرة.
التحالف العربي درّب نحو 90 ألف مقاتل يمني، ويحمي حركة الملاحة في الموانئ اليمنية، ولا سيما باب المندب، وأوقف الانتشار التوسعي للميليشيات الإرهابية، وحرر معظم الأراضي اليمنية، ويواصل إعادة الحياة الطبيعية إلى المحافظات والمناطق، وتقوية دعائم الحكومة الشرعية، وفي كل يوم تؤكد عملياته استحالة تحقيق الحوثي أي إنجاز حقيقي في المعركة.
ثم إن المشهد شديد الوضوح في اليمن، فكلما ازدادت الضغوط الدولية على طهران، وأفلست سياسياً وأخلاقياً في تبرير إرهابها وتدخلاتها في الإقليم، يظن الحوثي أن بإمكانه التخفيف عن حليفه، باستفزازات، وعمليات عبثية، لا تغير في ميزان المعركة، بقدر ما تساهم في زيادة معاناة الشعب اليمني.
وفي المشهد نفسه، أكثر من صورة، تحضر في حياة اليمنيين، وتغيب في الإعلام المعادي، أهمها أن المجتمع الدولي يدرك الآن تماماً، مَن الذي يُهرب الصواريخ والذخائر ويفجّر السفن، ومَن الذي مدّ يد الغوث والعون لأكثر من 17 مليون يمني، وللتاريخ عين تقرأ وأذن تسمع.