لطالما شكّلت الجمعيات الخيرية أبرز قواعد الدعم اللوجستي لـ«الإخوان» منذ تأسيس جماعتهم في العام 1928، وهم أصلاً استثمروا في إنشاء هذه الواجهات، باعتبارها انعكاساً لطابع التدين الغالب في المجتمعات العربية، وشكلت قنوات مالية للتنظيم، من خلال التبرعات، ورعاية الأيتام والقصّر، والزكاة، وغيرها، فضلاً عن أن فروع «الإخوان» في دول عربية ما تزاول نشاطها تحت تراخيص «جمعيات خيرية».
«الإخوان» المصريون الثمانية الذين ضبطتهم السلطات الكويتية في الأيام الماضية، دخل معظمهم البلاد بموجب كفالات من جمعيات كويتية، وهم فارون من مصر، بعد تورطهم في عمليات إرهابية دامية، ولَم يكن ممكناً بالنسبة لهؤلاء وغيرهم الحصول على أذونات دخول وإقامة، دون هذا المخرج الذي يتيح تسهيلات في الشروط القانونية للكفالات والعمل.
وليست «خلية الكويت» وحدها التي تصلح مثالاً لتغلغل «الإخوان» في العمل الخيري والتستر تحت غطائه، لخدمة التنظيم، فكل الهياكل السرية التي شكلتها الجماعة، تلقت تبرعات من جمعيات، وحولتها إلى جمعيات أخرى، تعمل ضمن الأجندة الإخوانية نفسها، وقد تنبهت دول عربية لذلك، فحظرت كثيراً منها، وأدرجتها في قوائم الإرهاب.
التكتيك الإخواني قديم، وفي السنوات التي أعقبت «الربيع العربي»، ركزت الجماعة على مجتمعات الوفرة، كما هو الحال في منطقة الخليج العربي، وتورط متبرعون غير مسيسين بنوايا حسنة في تبرعات مالية، كان الهدف منها دعم قطاع غزة، مثلاً، غير أن العمل التنظيمي الممنهج من خلال الهيئات الخيرية الاجتماعية ساهم على نحو فعال في تمويل مجمل النشاط السياسي للإخوان، وأذرعهم، مستغلين الدوافع الدينية والقومية في العالم العربي.
ويلاحظ، أن المعلومات التي وفرها الأمن الكويتي في إطار الخلية الأخيرة، أظهرت أن جمعية كويتية أرسلت 600 مليون جنيه دعماً لـ«الإخوان» أثناء حكم محمد مرسي، كما أن نحو 450 إخوانياً مصرياً لجأوا إلى الكويت بين عامي 2013 و2015، ووفرت «الجمعيات الخيرية» غطاءً قانونياً لمعظمهم، حتى أن زعيم «خلية الكويت» أبوبكر الفيومي، تحدث عن ذلك بوضوح، مشيراً إلى أن «الكويت ملاذ آمن ومستقر».
وإذْ لا نشك بحرص الكويت على محاربة الإرهاب، ولا بكفاءة أجهزتها الأمنية في التصدي لخلاياه، إلا أن واقع الجمعيات الخيرية بمجمله في هذا البلد الشقيق، يحتاج إلى إعادة دراسة وتقييم، تتبعها تدابير، درءاً لأخطار «الإخوان» وشرورهم على الكويت وشعبها أولاً، قبل امتداداتهم الأخرى، فأعضاء الخلية الأخيرة كانوا يعملون في القطاع العقاري الكويتي، وفي تجارة العملات، وهم لا يحملون أي ترخيص، أو صفة قانونية تخولهم ذلك، ليوفروا المال اللازم لعمليات الإخوان في مصر.