خلال الأيام القليلة الماضية، اندفع الناس في مختلف بلدان العالم، على اختلاف أعمارهم، خلف تطبيق يجمع صور المستخدم ليقدم له تصوراً عما ستكون عليه صورته في شيخوخته. اندفاع غير طبيعي ومحموم للصورة، ومن بعد نشرها على الحسابات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي.
وكما يقولون في الأمثال بعد ذهاب الفرحة جاءت الفكرة. فقد جرى تداول معلومات على نطاق واسع بأن التطبيق المجهول كانت تقف خلف تطويره شركة مغمورة، وأنه نجح في الوصول إلى بيانات الذين استخدموا التطبيق مثل الصور، وكذلك بياناتهم الأخرى المحفوظة في الهاتف بدءاً من الصور وحتى بروتوكولات الإعداد وبيانات الإنترنت والمواقع التي تتردد عليها وملفات تعريف الارتباط والكاميرا، وأن التطبيق نال موافقتهم التلقائية بالاحتفاظ بتلك البيانات واستخدامها فيما بعد عبر مواقع تروج للتطبيق. وحامت الشكوك حول التطبيق الذي لا يحتاج لكل هذه البيانات. وقالوا إن ملكيته تعود لشركة روسية تدعى «وايرلس لاب»، وهي غير معروفة وأطلقت التطبيق الذي ظهر للمرة الأولى في يناير 2017 وانتشر بقوة في أبريل من العام ذاته، قبل أن يعود للظهور مجدداً في الشرق الأوسط منتصف يوليو الجاري.
وبرر المحذرون الأمر بأن تطبيقات التواصل الاجتماعي المعروفة تخضع لرقابة مشددة، تفرض عليها حماية خصوصية المشاركين. ونتذكر فرض السلطات الأميركية خمسة مليارات دولار غرامة على شركة فيسبوك بعد فضيحة تداول بيانات 87 مليون مستخدم مع شركة كامبردج أناليتيكا للاستشارات السياسية.
ما يتوقف أمامه المرء وجود جهات مختصة في الدول الغربية تحذر المتعاملين في بلدانها من مثل هذه التطبيقات وغيرها، خاصة تلك التي تجمع بياناتهم بأساليب غير قانونية، وتختبئ خلف الشروط التي ترد بحروف صغيرة لا يكاد يميزها المرء أو تلك التطبيقات التي تشترط لإتمام الاستفادة منها موافقة المستخدم على السماح بالدخول إلى ملفاته من دون داعٍ سوى الرغبة في الوصول لها، لتصبح بعد ذلك في متناول الشركات المنتجة أو المالكة للتطبيق، والمستخدم في غفلة وعجلة من أمره يضغط علامة القبول من دون تريث.
كنت أتمنى قبل أن تأتينا تحذيرات الجهات وشركات حماية الشبكات، قيام هيئة تنظيم الاتصالات بدورها في هذا الشأن بالتعاون مع الهيئات الأخرى بتكثيف التوعية للجمهور، والتوضيح بأن الأمر ليس مجرد صورة لما قد تفعله السنون بوجهك، وإنما هو فرصة ذهبية للصوص البيانات.