أرسل هذا المقال إلى أصدقائك الذين لا يحبون كرة القدم، أو إلى زوجتك التي تعتقد أن المباريات منافستها في الحب والاهتمام، أو إلى والدتك، كي لا تقلق عليك خلال فترة غيابك طوال هذا الشهر، أو حتى إلى مديرك في «الدوام»، والذي يبدو أنه سيعيش أياماً صعبة مع الموظفين الذين سيتفرغون ذهنياً ونفسياً مع مباريات وفعاليات أهم حدث على الكرة الأرضية، كأس العالم وما أدراك ما تعني. كأس العالم يعني أن يكون الرجل مبتعداً عن كل شيء يشغل باله، البيت والعيال واحتياجات «الجمعية» والزيارات العائلية وغيرها من الواجبات. كأس العالم لا تعني أحد عشر لاعباً ينافسون مثلهم على من يأخذ الكرة، وكأس العالم لا تعني نتيجة مباراة وفرحة هدف وغضب مدرب، بل هي بطولة تحمل مشاعر خاصة، يستعد لها محبو الكرة بطريقة مختلفة.. يتفرغون عن كل شيء، سواء في أعمالهم أو مجالسهم أو حتى تجارتهم، هي بطولة كرة قدم نعم، ولكنها تجمع كل العالم ليشاهدوا ويتابعوا ويتنافسوا ويشجعوا أهم حدث رياضي في العالم. هي مباريات كرة قدم، ولكن بطاقات دخولها تباع بالآلاف، وهي مباريات كرة قدم، ولكن جرب أن تحجز تذكرة سفر إلى روسيا أو تحجز غرفة بأحد فنادق المدن المستضيفة للبطولة، لتعرف ماذا تعني هذه البطولة. هي كرة قدم، ولكنها سياسة، وصناعة واقتصاد.. هي كرة قدم، ولكنها تحمل كل المشاعر التي يمكن تتخيلها، ولك أن تراجع كيف تعامل كل المصريين حين أصيب محمد صلاح. ولذلك فكل العالم مشغول اليوم، بكل شيء يتعلق بالبطولة، بالمؤتمرات الصحفية وشعارات الحافلات وأشكال المشجعين، وانفعال المدربين.. وألوان المنتخبات وقرارات الحكام وعناوين الصحف، لكل فعل هناك قد يصبح حدثاً أو قصة أو قضية رأي عام، سيعلق عليها كل طرف بطريقته، ولا ننسى كيف حولت عضة سواريز إلى قضية رأي عام تاجر بها الجميع حتى أهله وأصدقاء طفولته والأطباء النفسيين والقانونيين، وما زال العالم اليوم يتحدث عن ضربة اليد المارادونية، وعن هدف إنجلترا في مونديال 1966. لن أتحدث عن الأرقام، فهي الأكثر متابعة جماهيرياً، سواء في المدرجات أو التلفاز، وهي الأكثر دخلاً تسويقياً وتجارياً وعلى مستوى البث الرقمي والتلفزيوني والإذاعي هي أغلى من أي لعبة أخرى، هي باختصار كل شيء وفوق كل شيء. ماذا لو سألت الزوجة زوجها بعد أن انغمس في أجواء البطولة، من الأهم أنا أو كأس العالم.. الإجابة وقتها ستكون صادمة!