ونحن نستعد لبدء إجازة عيد الأضحى المبارك، أتمنى من المسؤولين في قطاعات عدة ممن خاضوا سباقاً ماراثونياً لاستحداث رسوم في دوائرهم أن يراجعوها لمواكبة الخطوات التي أقدمت عليها الكثير من الجهات بخفض أو إلغاء العديد من الرسوم وبمبادرة من مجلس الوزراء والمجالس التنفيذية المحلية للتخفيف من الأعباء على الجمهور بعدما تبين أنها جاءت بنتائج غير المتوخاة والمتوقعة منها، وتحولت بالفعل إلى عبء وعائق.
بعض الدوائر والجهات لا تزال متمسكة بتلك الرسوم المستحدثة وتصر عليها دون أن تدرك ما قد تتسبب به، وهي في انتظار جهة أعلى منها تتخذ القرار نيابة عنها.
نطرح هذا الأمر ونحن نتابع معاناة أصحاب بعض المشاريع وبالذات المطاعم ممن لديهم سيارات نصف نقل للتوصيل، وقد اشترط عليهم لتجديد تراخيصهم أن يدفعوا رسم اشتراك في شركة أقيمت لهذا الغرض، حتى ولو كانت المركبة لغرض توصيل المواد الخاصة بالمنشأة ذاتها، ومن دون توضيح طبيعة الإضافة التي ستعود عليهم من وجودها.
من استسهل الإجراء لا يدرك أن الذي سيدفع الثمن في المحصلة الأخيرة هو المستهلك الذي سيجد السلعة أو الوجبة التي يقبل عليها قد ارتفع ثمنها فيعزف عنها أو يبحث عن خيارات بديلة أقل ثمناً، وهو عزوف سيؤثر حتماً على استمرارية المشروع. وتلك من أسباب تعثر شريحة واسعة من المشاريع الناشئة جراء التبعات الباهظة للرسوم غير المبررة هنا وهناك، والشواهد في أسواقنا عديدة والجهات المعنية بهذه القطاعات لديها من الأرقام والحالات الكثير، خاصة أن الرهان كبير على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة. وهناك الكثير من الشباب والشابات الذين قرروا خوض تجارب المشاريع الخاصة ترهقهم الرسوم غير المدروسة جيداً وأصبحت حملاً ثقيلاً في وقت تؤكد فيه الدولة على منحهم الفرص كاملة وتطلق المبادرات التشجيعية والمحفزة.
قد يقول قائل إن الشركة الوليدة وطنية وبحاجة للدعم والانضواء تحت لوائها، وهو مبرر لا يستقيم مع قواعد وآليات اقتصاد السوق عندنا، فنجاحها يجب إلا يكون من تحصيل الرسوم والاشتراك الإلزامي كما في حالة بعض المجلات الفصلية لعدد من الدوائر والمؤسسات، وإنما تنجح الشركة بما تقدم من خدمة للناس وللمشتركين فيها وبما تمثله من إضافة حقيقية للمجال الخدمي الذي قررت الاشتغال فيه، وتبتكر جديداً يجعل الجمهور يتسابق إلى خدماتها.