لم ينتظر العرب كثيراً، بعد عبور الدور الأول، وبمجرد انطلاق مرحلة خروج المغلوب بدأوا يتساقطون الواحد تلو الآخر، فلا تكاد تنتهي مباراة بوداع منتخب عربي، إلا وشقيق آخر يحزم حقائبه، استعداداً لرحيل وشيك، وكأنهم قد اكتفوا بما قدموه في مرحلة المجموعات وبدأوا يشعرون أن مهمتهم انتهت، وأن بطارياتهم نفدت، وتركوا المجال للبقية، تركوها لمن عمل من أجلها، ولمن بذل لها العطاء والعرق والجهد، انطلق الدور الثاني فخرجت الأردن ومن بعدها انفرطت حبات العقد.
ودعت الأردن عندما اعتقد «النشامى» أن مواجهة فيتنام ليست سوى نزهة، وجسر عبور للدور ربع النهائي، لم يحسبوا حساباً، وكان صعود فيتنام المفاجئ والمثير من دور المجموعات، وبفارق إنذارين أقل من المنتخب اللبناني، هو مخدر كاف للاعبي المنتخب الأردني الذين دخلوا المباراة فائزين منتصرين ومظفرين، وكأن بطاقة العبور في حوزتهم، فكانت الصدمة وهم يشاهدون منتخباً فيتنامياً ينتشر بالطول والعرض في الشوط الثاني، ويحيل المباراة إلى تعادل مستحق، ومن ثم التفوق بركلات الجزاء الترجيحية.
ثم خرجت عُمان التي كانت في مواجهة غير متكافئة مع إيران، ورغم ضربة الجزاء الضائعة في بداية المباراة، إلا أن المنتخب الإيراني تفوق في المباراة، وكان هو الطرف الأفضل، واكتفى العُمانيون بفرحتهم التي حصدوها في ختام مباريات دور المجموعات، عندما صعدوا في اللحظات الأخيرة، ولم يكن بالإمكان أفضل مما كان.
أما المنتخب السعودي فقد حاول محاولات شبه يائسة، لاقتحام حصون «الساموراي» الياباني، ولكن لم تكن 90 دقيقة كافية، وربما لو أضفنا لها 900 دقيقة أخرى لما تمكن «الأخضر» السعودي من التسجيل في مرمى اليابان، فقد خاض البطولة، وهو يفتقد أنيابه الهجومية، ولم يقدم المنتخب السعودي ولو جزءاً يسيراً من المستوى الذي ظهر عليه في كأس العالم الأخيرة، ولا زالت كأس آسيا تعاند «الصقور الخضر» للبطولة الثالثة على التوالي، ولا تريد تجديد الوصل مع أحد فرسانها المفضلين.
وهذه المرة في أرض عربية واصل العرب سياستهم المفضلة في السقوط الحر، والخروج المحزن في المنافسات الرياضية، وأصبحت ظاهرة سيطرة القوى الجديدة على مقدرات الكرة الآسيوية، وإضافة إلى اليابان وكوريا وإيران وأستراليا ها هي أسماء جديدة تبرز على الساحة، فيتنام وتايلاند بل والهند والصين، آسيا تقدم لنا وجوهاً جديدة، ومحذرة العرب الذين تراجعوا عن الصفوف الأمامية، وباتوا في مقاعد الصف الثاني أنهم إذا لم يعيدوا ترتيب أوراقهم في الوقت المناسب، فلن تنتظرهم القارة، وقد يصحون في يوم ليجدوا أنفسهم في المؤخرة.