* كل عام والجميع بخير دائماً.. وبأمان أبداً.. الإنسان غير النمطي، والمحب للتجديد، وناشد الحداثة، تضجره الكلمات المناسباتية، والمستعملة كثيراً، والتي تشبه طعم العلكة حين تذوب حلاوتها، والتي يتداولها الناس مع كل الناس، تجدها منسية حتى تأتي مناسبتها، فتخرج متحررة من سجنها الحجري لتدور على ألسنة الجميع، من تلك العبارات أو الكلمات، ما يخص الأعياد والتي لم يطرأ عليها جديد أو تغيير أو محاولة كسر النص أو تجديده وتحديثه، فعبارة، «كل عام وأنتم بخير»، حين تأتيني ضمن رسالة تهنئة، ترعدني ببرودتها، وأشعر بعدم الحميمية، وعدم دفء المشاعر، وكأنها آتية لي من شركة مقاولات تعاني من تفتيشات وزارة العمل باستمرار، أو شركة تعمل في المنطقة الحرة، ورخصتها ستنتهي قريباً، وأعمالها متعثرة، وتبحث عن كفيل مواطن، أو بنك مصرفي صارم في معاملاته، ويريد أن يتقرّب لزبون، ولا يملك تلك المشاعر غير الرقمية، لا رسالة من صديق أو زميل، وأنا أخجل بطبيعتي أن أرسلها لأشخاص أعزهم، لذلك أحاول أن أبتدع رسالة خاصة، مثلي مثل غيري من الناس الذين تضجرهم الكلمة البلاستيكية المعتادة والتي لم تتغير في الوطن العربي منذ عهد الدولة الأخشيدية!
* البعض يهرب من العيد أو العيد يهرب به، تلك الفترة هي راحته القصيرة بعيداً عن كل ضجيج، لكن هاتفه الذي يحاظيه كطفل صغير يفرض عليه فك هذا الحظر، ليبقى محاصراً بالرنين ومهدداً بالرسائل أو كان العتب كله عن فترة الغياب، وإغلاق الهاتف الجوال من الأصدقاء والمودين.. الله يبقيهم، ويخليهم، ويجعلهم يتذكرون دائماً وأبداً.
* لماذا العيد مرتبط بالفرح عند الإنسان؟ هل لأنه يأتي في موعده كل عام، ولا يخلف تاريخه؟ ومن هنا أتي هذا الجلال المصاحب للعيد، والفرح به، أم هو موعد لأمنيات يحب الإنسان أن تتحقق بقدوم هذا الآتي بزخرف القدسية، وهالات الأماني، أم هي انعكاسات لأفراح طفولية يسحبها الإنسان مع العمر الذي يعدو مثل اندفاعات عربات النار، فلا يعود يتذكر عيد السنة الفائتة، بقدر ما يتذكر أعياد طفولته، والحنين إليها، وكأنها كانت بالأمس فقط، لا تبرح ذاكرته، ولا تفارق شوق القلب، أم أن الإنسان يخزّن بتحايله، وبخبث العمر، مجموعة أفراح صغيرة ومبعثرة، ليوم يرى الناس فيه، وقد هذّبوا من عدوانيتهم، وأجلوا خلافاتهم، وتناسوا أتراحهم، وقلموا من شراستهم، وأعلنوا قدوم الفرح ولو لأيام، فالعيد من العودة، والكل حين يهنئك بالعيد، يتمنى أن يعيده الله عليك عمراً مديداً.
* كل سنة وكل حول.. ويعلكم من العايدين.. السالمين.. الغانمين في ظل دولة تحلم وتفعل لتكبر، وظل قائد رحيم يحب الناس ويحبونه، وقادة يسهرون حين ينام الناس، ويعملون حين يتعب الناس.. وكله من أجل الوطن والناس.