تراها في الصباح فراشة تغسل مهجتك بنظرة، فابتسامة، فلمسة، فقرار غريزي يحكم قبضته على العقل، والقلب، فتصبح أنت المغلل بأصفاد تحبها، وتعشق ربقتها في معصم الفؤاد، فتكون أنت المعنى، وأنت المسهب في عشق العيون التي في طرفها رقة، ودقة ودفقة، وطفقة، وشهقة الأشواق في وجدان المها، وطوق السجايا في طفولة عفوية، شفوية تشفي المكلف، الملهوف، لنغمة، هي النعيم، وهي الكليم الذي يفوه بما جادت به سماء الله من قطر يبلل الشغاف، ويكلل اللحاف بدفء، ويجلل الروح بلطف، ويمعن في فيض وروض، ويسقيك من رضاب الشفافية، ما فاضت به الأنهار، وما تاقت له الأطيار، وما نهلت منه الأشجار، وما سبرت له الأدهار.
هذه الفراشة حبيبتي، هي في الأصل نبضة وفي الوصل ومضة، وفي الحنين لمضة، تحط على وريقات أسئلتي، فتجعلني في الوجود سحابة، تحمل في ثناياها نجمة، وفي الأعطاف نعمة.
هذه الفراشة حبيبتي جاءت من نسل نوايا، لا تحتمل أنصاف الحب، ولا تحتمل أشباه الشوق، هي في الأصل رحاب كاهنها لا يقرأ كف الغيب، ولا يستفتي فنجان العراف، بل يملأ عينية بوميض العينين، ويسافر عبر تضاريس مرت في الأزمان جمالاً، وجلالاً، مرت في القلب سفناً تحمل أشواق العشاق ومسافر ما مل ترديد الموال وجودياً.
هذه الفراشة، فاطمتي، وخاتمتي، وتعويذة الليل وحرز النهار، ونسقي، وطوقي، وحدقي، وأفقي، وشفقي، وغسقي، وشوقي، وعشقي.
هذه الفراشة مدي، ومددي، ومداي، وامتدادي، ومادتي، ومائدتي، ومدادي، هذي الفراشة روحي وريحاني وراحتي، واستراحتي، وبراحتي، وأريحتي.
هذه الفراشة، مملكتي وملاكي، وامتلاكي، ومليكتي.
هذه الفراشة، الخدر والسهر، والفكر والفجر، والسور والأسور، والجذر والجوهر والنحر والصدر، والبدر والسفر، والنهر والقدر، والغصن والشجر، والقصيدة والشعر، والحلم والخبر، والكلام المنعم والحبر، هذه الفراشة روايتي، وقصتي، وبدايتي، ونهايتي، وحكايتي وغوايتي، ووشايتي، وقماشتي، وقصيدتي، وقريحتي.
هذه الفراشة عمري وفجري وسهري وفكري، وحبري وخبري، وسري وجهري، ونهري وبحري، وشراعي وشريعتي وشعري، وشعاري، ومشاعري.
هذه الفراشة، كتلة الوجد الذي يسكن أرجائي، وأنحائي وأقاصي، وكل نبضة في وجدان الرمل، ونثات المطر، وهفهفات الشجر، ورفرفات الطير ودقات النواقيس في رحاب السماء.