كل علاقتي بالعام الدراسي الجديد مرتبطة «فقط» بالازدحام الذي سيعيق طريق ذهابي الصباحي للعمل. كان العام الماضي «استثناء» فقد انشغلت مع فريق «مجلة ماجد» للتحضير له. وفي الوقت الذي كان يُصر فيه الجميع على أن يكون لنا عدد خاص لهذه المناسبة، كان إصراري شديداً على أن يكون عدداً مُبهجاً سعيداً، يتحدث عن «البدايات المثيرة» ولا يشير للدراسة بأي حال من الأحوال! ففي رأيي أن هذه المناسبة لا نحتاج بأن نُذكر بها، كما أن لها وقعاً مزعجاً على الأطفال ممن يتركون ساحات الإجازة واللعب لبدء صفوف الواجبات والالتزام. توصلت مع أستاذ «لبيب خير الله» سكرتير تحرير المجلة آنذاك - وهو أحد أهم رواد صحافة الطفل في العالم العربي- أن نركز على ثيمة «البدايات الجديدة المبهجة»، وأن نُضمن بدء العام الدراسي فيها، كحل توفيقي.
قبلت ذلك على مضض، كما قبلت تغييره لعبارة كتبتها في «كلمة ماجد». فقد وجهت نصيحتي للأطفال أن يبحثوا عن المبهج والمثير في كل أمر لا يحبونه ويُجبرون على القيام به، ومنها المدرسة، حتى يتمكنوا من الاستمتاع وبالتالي الاستفادة. وهو ما لم يرق للأستاذ لبيب، ووجد عبارة «لا نحب الدراسة» غير لائقة، ونزولاً عند خبرته قبلت ذلك. أستعيد ذلك، وأنا أراقب الكثير من أصدقائي وهم معبأون بالتزامات المدارس والعام الدراسي الجديد، وبحديث يخلو من أي إيجابية، ممتلئ بالضجر والسخط، وأتساءل، كيف إذاً سيكون حال أطفالهم؟!
المتعة والإثارة أهم أدوات إحداث الفائدة، وعبرهما يمكن تمرير أصعب المعادلات والنظريات. وهو ما يجب أن يدركه المدرسون المُجبرون على الالتزام بنظام - لا يروق لهم - فإحداث الأثر في الطلاب يكون للمعلمين الذين استطاعوا استثارة بهجة تلاميذهم، وممن تمكنوا من إشعار تلاميذهم بأنهم مهمون وفيهم شيء مميز. لم أتردد إطلاقاً بأن أخبر أ. لبيب بأني كنت لا أحب المدرسة، وأن دراستي كانت متعثرة، وأني لم أُقبل بحب إليها إلا بعد أن أخبرتني مُعلمة أني أجيد عمل أشياء بإتقان بالغ، مثل مسحي «السبورة» بطريقة لا تجيدها زميلاتي.