«كلنا عيال قرية.. وكل يعرف أخاه». يقال هذا المثل بكل اللهجات العربية تقريباً، وفي الخليج خاصة استخدمه كل أهل المنطقة. ويقال عندما يحاول أحدهم -مدّعٍ- أن يُقنعك بأمر ما عن شخص (سواء كان أمراً طيباً أم خبيثاً)، فيما الحقيقة أنك تعرف هذا الشخص جيداً، لأنه قريب منك جغرافياً. فيأتي الرد على المدّعي بهذا المثل، كدعوة لإسكاته وإبلاغه أننا نعرف جيداً عمن تتحدث. ثَرِية هي أمثالنا الشعبية، ولمَ لا وهي خلاصة تجارب حياتيه لا حصر لها، منقولة بتكثيف وإحكام لغوي، وفيها من الجمال البلاغي. ولكن لأي درجة تبدو هذه الأمثال قابلة للعظة والتأثير فينا!
تبدو تلك المقدمة طويلة إلى حد ما، ولكني سأذكّر بها باستمرار خلال الفترة المقبلة عندما أسأل عن المرشحين في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات، وسأتحدث بها مع الناخبين عندما سيذهبون للتصويت لأصحاب البرامج الانتخابية المعلنة والتي فيها ما فيها من تعهدات حول ما سيقدمونه للإماراتيين من خلال تمثيلهم تحت قبة البرلمان. وعلى ما سبق ولأننا أبناء «قرية» يعرف كل منا الآخر جيداً، علينا أن نُفعّل عقولنا أمام ما يُطرح من برامج، لنُفرز ما يقال، ونقيّم ما يتعهد به الراغبون في أصواتنا، لنضمن تمثيلاً يليق باحتياجاتنا نحن المواطنين فعلاً.
ولأننا نعرف بعضنا جيداً، فلا يحتاج الأمر لجهد بليغ لنتأكد من سيرة وإنجاز أي مرشح قبل أن نمنحه صوتاً ونشجع الآخرين على ذلك؛ وهما الدليل على جدية ومصداقية كل مرشح في تحقيق التزامه؛ وفي المقابل لا مصداقية لمن كان في سيرته ومنجزه ما يخالف ذلك. فأي جدية من مرشح يتعهد بالعمل بإخلاص على ملف التوظيف في الدولة، في حين أن نسبة التوطين في شركته الخاصة صفر بالمائة. وأي مصداقية لمرشح ينادي بترسيخ الهوية الوطنية، فيما أبناؤه لا يتحدثون إلا باللغة الإنجليزية ولا يدركون شيئاً من تفاصيل هويتهم وتراثهم؟! وكيف أثق في مرشح يتعهد بالعمل على تعديل التركيبة السكانية فيما عدد العمالة بمنزله أكثر من عدد أفراد أسرته؟! في حين يدعو آخر إلى تمكين المرأة، في ما هو يرفض تعيين النساء في إدارته؟! السنا «عيال قرية» ونعرف بعضنا جيداً!