الذين يتكلمون كثيراً، يعملون قليلاً. الكلام الكثير يمنع القدرة على الإبداع، والثرثرة مثل الأمواج، تعيق السفن من الإبحار.
يريد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن يشير إلى أولئك الذين يضعون العراقيل بالكلام المنمق الذي مع الزمن يصبح أحجاراً صماء تقف حجر عثرة أمام أي إنجاز، هؤلاء الذين يكثرون من الحديث عن النظريات والأفكار الخيالية التي لا تمت للواقع بصلة.
ومثلنا العربي يقول، خير الكلام ما قل ودل، ولا يدل على أهمية الإنسان في أي موقع يشغله غير عمله الذي ينجزه بإتقان ودقة وأمانة ورزانة ومن دون ديباجة تسيء ولا تنفع، تضر ولا تخدم للود قضية.
الكثير من الشعوب تحدثت عن خطط ومشاريع وتاريخ وحضارات، ولكن عندما تتأمل واقع هذه الشعوب، فلا ترى غير الدخان والغبار والزبد، لا ترى غير قصص ألف ليلة وليلة وحكايات خرافية، وضعتها في ذيل الأمم.
هذا ما لا يريده محمد بن راشد، وهذا ما ينبذه، ويتحاشاه، ويريد لشعبه أن يبتعد عنه، ويتفاداه، ولا يقترب من التنظيرات، وتأطير المشاريع بحواش وخطوط طول وعرض، ومدارات تتشعب فيها الأفكار، وتضعف وتتلاشى وتغيب في زحمة التصادم مع الواقع العملي.
لا يريد محمد بن راشد أن تظل المشاريع حبيسة الأدراج مغللة بالتردد، والوساوس العصابية، وبارانويا التفوق الوهمي ومن دون نتائج تعبر عن وعي الناس بأهمية الاستمرار في البذل والعطاء، والسعي الدؤوب في فتح الآفاق والدخول في مناهج عمل مدروسة ومتقنة ودقيقة في الأداء والتنفيذ والتطبيق، ومن ثم الارتقاء في الذائقة، والسمو في التعامل مع المشاريع كمشاريع حياة، لا مشاريع واقع راهن يتباهى بما هو سطحي وساذج وباهت ولا قيمة له غير أنه مجرد تلميع أحذية قديمة، وكي ملابس مرقعة.
ما يريده محمد بن راشد، هو الفروسية في كل ميدان، والنجابة في كل عمل، والنبل في كل منجز، والصدق في كل فكرة، والإخلاص في كل خطوة من أجل تنفيذ كل خطة.
لم تصبح دبي منارة في فناء العالم الواسع لولا علو كعب الذين أنجزوا مشاريعها، ولم تكن دبي قيثارة لولا سمو الأفكار التي كللت إنجازاتها، ولم تكن دبي باقة، لولا اللون الزاهي الذي كسا محياها، ولم تكن دبي نهر عطاء لولا وجود جداول العذوبة التي فاضت في شرايينها.