«تواجدي» رغم أنه يبدأ بحرف التاء، لكنه غير عن تلك الشركات التي تعرفونها، يمكن هو الأقرب للناس، وعمل من أجل الناس، لكن تعرفون بعض الناس مرات ما «تيبهم إلا العين الحمراء»، يعني لولا مخالفات «سالك» الفورية، وإلزامية لصق تلك البطاقة الممغنطة على السيارة، وإلا بقيت الناس أو أكثرهم تاركينها ترعى والرب راعيها، ولولا التشديد على ضرورة عمل بطاقة الهوية، وربطها بإنجاز كثير من المعاملات، لظل كثير من الناس حتى اليوم بدون بطاقة، وظل المواطن يحوط بجواز سفره في بلاده، ويوزع من صوره المستنسخة في الدوائر والبنوك، والأمر ينسحب على التسجيل بخدمة «تواجدي» التي تقدمها وزارة الخارجية للمواطنين القاصدين السفر إلى الخارج، وهي خدمة اختيارية، مراهنة على وعي المواطنين، وحرصهم على سلامتهم، وعدم إرباك الدولة وأجهزتها في حال حدوث مكروه أو شيء لا يحمد عقباه، خاصة ونحن والعالم يمر بظروف استثنائية من التهديدات والتفجيرات والأعمال الإرهابية، وهذه الأيام زاد الجنون في الناس، وجعلهم لا يستعملون عقولهم المريضة إلا في ساعة الأذى، وحمل السلاح، وقتل الأبرياء، وهذه في رأيي أعمال لا يقدم عليها إلا شخص فاقد خاصية الرب في الإنسان، وهو العقل، وميزته عن كافة المخلوقات، وهو الاختيار ومسؤولية الأمانة، يعني لما نزعة الإرهاب عند المجانين زادت هذه الأيام، وحلت محل التنظيمات؟ سابقاً كان يمكن للمجنون أن يشتري طيارة من ورق ويطيرها، وأقصاها أن يركض وراء كلاب الحارة أو يعاقط الناس بالحصى، اليوم الإرهاب بصّره باب جديد للأذى.
نعود لخدمة «تواجدي» ومن خلال جلسة كريمة ضمت المهتمين والمتعاملين والمستفيدين من تلك الخدمة، والتي أجمع الكل على أن مسألة عدم التجاوب معها، والاستفادة منها، والتسجيل فيها، مسألة كسل المجتمعات الاستهلاكية التي تريد كل شيء يوصل لها إلى باب بيتها أو تريد شيئاً سهلاً يعمل بضغطة زر، و«أنا أولهم»، أصبحنا نكره ملء البيانات، وقراءة الـ«كاتولوجات»، وإرفاق مستند مع الطلب، رغم أن التقنية اليوم سهلت كل الأمور، بس بعدنا نريد «بشاكير» تقدم عنا الطلب، أو لو كان «الدريول يعرف كنا طرّشناه»، يعني «هيازة» ما صارت، بحيث يمكن لرب العائلة، وحرمه المصون، والذرّية الإلكترونية من أتباع «الآيفون والآيباد»، والذين يقضون الساعات وراء تلك الشاشات اللامعة، تجدهم يعجزون أن يصبروا دقائق عشر للتسجيل في خدمة «تواجدي»، لا أحد «بيتليكم، ولا بيغصص عليكم» بس علشان أمنكم، وعودتكم لدياركم سالمين، غانمين، ولكي يكون تواجدكم في أي مكان تواجداً آمناً.
ولحل المعضلة، نطالب وزارة الخارجية أن تراعي ظروف المواطنين الكرام، وطبيعة مجتمعات الرخاء، بأن تقدم لهم خدمة «تواجدي» مثل خدمة «اتصالات» التي تظل ترحب بك من دار لدار، ولا تملّ من أمنيات السلامة، أو تربطها بالتعرفة المرورية الجديدة أو تجعل «تواجدي» بضربة فص واحد!