الحدث التاريخي الكبير الذي تمثل بصعود ابن الإمارات هزّاع المنصوري إلى الفضاء، والتحاقه بمحطة الفضاء الدولية، شكّل لحظة كبرى توحدت فيها عناصر الزمن الثلاثة. الماضي الذي تجلّى في حلم المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بأن يصعد أبناء الإمارات إلى الفضاء يوماً، والحاضر الذي ارتسم في تحقيق هذا الحلم العظيم ونحن نرى رائد الفضاء الإماراتي هزّاع المنصوري، متوكلاً على الله وحده، يصعدُ المركبة «سويوز» وبعدها يدخل إلى محطة الفضاء الدولية، ويخاطبنا جميعاً من هناك. لحظتها شعرنا جميعاً، بأن هذا الشاب، الذي بدا شكله وكأنه الأصغر سناً بين رواد المحطة، لا يمثل نفسه فقط، وإنما يمثل كافة الشباب الإماراتيين والعرب والمسلمين. وأطفاله الذين رافقوه إلى منصة الإطلاق، كانوا أيضا يمثلون أطفالنا جميعا، وكذلك والدته ووالده وإخوته ومدرسوه وزملاؤه ومعهم المسؤولون وأعضاء المجلس الوطني وصولا إلى حكومة دولة الإمارات وشعبها. كلّنا في الإمارات أسرة واحدة، ولذلك عمّ الفرح بالأمس البلاد من أقصاها إلى أقصاها.
أيضاً كان المستقبل حاضراً، وتجلى في رؤية حكومة الإمارات التي عقدت العزم على الالتحاق بركب الفضاء. وتحققت لها الخطوة الأولى بالأمس، وسوف تتبعها بالطبع خطوات أخرى عملاقة وصولا إلى المريخ. نعم، تحققت عناصر الزمن الثلاثة وتوحدت في لحظة الوطن الكبرى. والنجاح الذي تحقق في الفضاء، كان يوازيه نجاح آخر على الأرض نقرأه في جهود فرق العمل الكثيرة التي أسهمت في هذا الإنجاز. في القيادة الحكومية حيث أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن فخرهما واعتزازهما بوصول هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، كما عبّر حكام الإمارات وأولياء العهود عن مشاعر فخرهم بتحقيق هذا الحلم.
بالأمس رأينا الصورة الكاملة لهذا النجاح من خلال الجهد الرائع الذي قام به مركز الأخبار في تلفزيون دبي وبثه لجميع قنوات الدولة. من حديث العالم العربي فاروق الباز الذي التقى بالمغفور له الشيخ زايد في العام 1974، إلى مراحل العمل المتلاحقة التي قامت بها جميع فرق العمل الإماراتية وصولاً إلى لحظة انطلاق المركبة ثم لاحقا في المساء لحظة وصولها.
شكراً من القلب إلى الإمارات، وطن الآمال والطموحات العظيمة.