تملأ السعادة والزهو والتواضع كل الإماراتيين في هذه الأيام، وقد دخلت بلادنا تاريخاً جديداً، صنعته قيادتنا وشبابنا، وجعلنا أمام آفاق رحبة من الطموح والتحدي، لصنع المستحيل.
دخلنا حقبة الفضاء، وانضمت الإمارات إلى الدول المتقدمة في هذا القطاع الذي لا ينشأ إلا في مناخ تعليمي متطور، وبنية مؤسسية للبحث العلمي والابتكار، وخلف ذلك إرادة سياسية، تعرف شروط الحياة في المستقبل، وتعرف أن العلم أساس التقدم، وبدونه، لا يمكن للحضارات العريقة أن تستأنف دورها.
هزاع المنصوري ابن النظام التعليمي الإماراتي، وأن ينضم أول عربي إلى ثمانية رواد من العالم في محطة الفضاء الدولية، فهذا أفضل المكاسب وأثمنها لاستثمار القيادة في التعليم، إذ لا يوجد استثمار بمثل هذا العائد، حين يصبح إماراتي رائد فضاء، وتسمع اللغة العربية، لأول مرة من المحطة الدولية، وحين يكتب التاريخ أن عيال زايد صعدوا ببلادهم إلى الفضاء، وحملوا معهم قيم التسامح والأخوة الإنسانية، ورفعوا أملاً للعرب.
لقد شاهدنا مقاطع الفيديو عندما انضم هزاع ورفاقه إلى المحطة الفضائية. العربي الإماراتي المسلم، المسلح بالعلم والمعرفة كان واحداً من فريق الرواد والعلماء المنتمين إلى بلدان وأديان مختلفة. كان هزاع على قدر الدور والبطولة، بدا مزهواً ببلاده وقيادته، وفخوراً بدخول الإمارات فعلياً تاريخ الفضاء، ومتواضعاً في الحديث عن إنجازه الشخصي، وسعيداً بمساهمة الإمارات في الجهود العلمية لخدمة البشرية.
هذه الصورة التي بدا فيها هزاع المنصوري في رحلته التاريخية إلى الفضاء، لفتت أنظار الإعلام الدولي أكثر فأكثر إلى الإمارات، وكيف استطاعت في غضون سنوات قليلة تدشين صناعة فضائية، وتهيئة موارد بشرية وعلمية لتصنيع الأقمار الاصطناعية، وإنجاز برنامج طموح للفضاء، وهذه إضافة جديدة ونوعية للسمعة الدولية للإمارات، وما هي إلا أشهر قليلة، وينطلق «مسبار الأمل» إلى المريخ، على أن يصل الكوكب الأحمر في العام 2021، متزامناً مع مرور خمسين عاماً على قيام الاتحاد.
لقد عرفنا من أشقائنا العرب، فور مشاهدة الصور الأولى لهزاع المنصوري، أن الـ25 من سبتمبر للعام 2019، لم يكن يوماً لحدث علمي، تهتم به الأخبار، ومجتمعات التواصل الرقمي فقط. كثيرون رأوا في هزاع ملهماً للشباب العربي، وأملاً حقيقياً، وسط اليأس والتطرف وتراجع التنمية في دول عدة من عالمنا العربي، وآخرون طالبوا بمحاكاة نموذج الإمارات في بلدانهم، وثمة من رآه انتصاراً عربياً، بعد تراجع حضاري طويل.. وهو كذلك.