للأسف، الكثير من إدارات المرور عندنا تتعامل بردات الفعل مع كل حادث مأساوي يذهب ضحيته أبرياء، فلا تسمع إلا تبريرات ودعوات لا تقدم أو تؤخر، من دون وجود حلول أو مبادرات ملزمة. مناسبة ذلك، تصريحات اللواء محمد سيف الزفين، مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون العمليات، رئيس مجلس المرور الاتحادي، في أعقاب حادث اصطدام حافلة صغيرة بشاحنة متوقفة عند كتف الطريق على شارع الشيخ محمد بن زايد، ووفاة ثمانية عمال كانوا على متنها الاثنين الماضي، إلى جانب إصابة زملاء لهم بإصابات خطيرة أودعوا العناية المركزة».
طالب الزفين في تصريحاته «بإعادة النظر في ترخيص الحافلات الصغيرة، ومنع استخدامها لنقل الأشخاص»، وقال إنه يطالب بذلك، منذ سنوات، موضحاً أن مجلس المرور الاتحادي أصدر توصية مباشرة بهذا الشأن، استناداً إلى آراء خبراء النقل والسير والطرق بأن هذه الحافلات عبارة عن علب سردين معرضة لكوارث مرورية طوال الوقت، لافتقادها أبسط معايير الأمن والسلامة، وقد تحولت بالفعل إلى نعوش طائرة جراء استهتار سائقيها بالأنظمة والقوانين واللوائح المرورية. وعلى الرغم من إلزام المرور خفض عدد الركاب من 14 إلى تسعة ركاب، إلا أن الوجه البشع والدامي للمأساة يطل مجدداً مع كل حادث تكون طرفه هذه الوسيلة من وسائل النقل».
وكان المجلس المروري الاتحادي قد أوصى بمنع استخدام هذه النوعية من المركبات في نقل الركاب، اعتباراً من يناير 2023، ومنع استخدامها في المدارس الخاصة، اعتباراً من سبتمبر عام 2021. والسؤال الذي يفرض نفسه دائماً مع كل حادث كبير على هذه الشاكلة وبعدد الضحايا الذين يسقطون جراءه، لماذا الانتظار حتى يسقط المزيد، ويصطبغ الطريق بالمزيد من الدماء؟. وفي الإحصائيات التي تصدر عن «مرور دبي» يواصل هذا الشارع تصدره باعتباره أخطر الطرق لجهة ارتفاع عدد الحوادث الخطيرة والمميتة التي يشهدها.
نحن بحاجة لمعالجة شاملة لهذا الملف، فالأمر لا يتعلق بنوعية المركبة، بل وفي ظروف النقل وحالة السائقين والعمال الذين يتحركون من مواقع إقامتهم في الشارقة - كما في حالة ضحايا الحادث- إلى مناطق عملهم في دبي من الساعة الثالثة فجراً ليصلوها في الخامسة صباحاً، رغم أن الطريق في تلك الساعات المبكرة يكون سالكاً وغير مكتظ بخلاف ساعات الذروة. نأمل ترجمة التوصيات لقرارات فورية لأجل سلامة الجميع بدلاً من تصريحات ردات الفعل.