جمهور كبير وفعال، وكتيبة رجال، ومنذ اللحظة الأولى كان كل شيء مختلفاً، انضباط في الملعب، وتنظيم على أعلى مستوى، شاهدنا فدائية فارس جمعة، وانطلاقات الحمادي، وخيال إسماعيل مطر وذكاء مبخوت، ولم يقصر البقية، شاهدنا لديهم العطاء والإخلاص والتضحية، شاهدنا في أعينهم الإرادة والعزيمة، وتلك الجماهير التي حضرت إلى المباراة، جاؤوا من كل مكان، يتقدمهم سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، في أمسية لا تشبه غيرها من الأمسيات، كان «الأبيض» الذي نريده ونتمناه فكان أحلى وكان أجمل، في مباراة أستراليا كنا شاهدين على ميلاد بطل.
عندما تحضر الروح القتالية تذوب الفوارق، تتلاشى وتختفي، عندها لا تكلمني عن الظروف، فلن توقفك الغيابات، ولن تتأثر بتلك الإصابات، حضرت الروح القتالية في استاد هزاع بن زايد، انتظرناها طويلاً وحضرت في الوقت المناسب، وحضر زاكيروني ومعه حضر نجوم المنتخب، وصلنا إلى الدور نصف النهائي وأقصينا حامل اللقب.
فعلها زاكيروني وعد فأوفى، لم يتوقف عندما تزايدت حدة الانتقادات، كان يقوم بعمله بصمت، انتقدناه كثيراً وكان صدره رحباً، اليوم زاكيروني نفسه في نصف النهائي، ولا زلنا نطمع في المزيد، نفكر في القادم، لم نحقق شيئاً بعد واليوم نحن على ثقة أنك قادر على الذهاب بنا، فأنت لا تبحث عن الأعذار، وتجيد التعامل مع الأدوات المتوفرة، وأصبحت لنا حلماً جميلاً وكابوساً للأستراليين، لم يصحوا من صدمة نهائي 2011 بعد، فعاجلتهم بقاضية 2019.
معلومة أصبحت في ذمة التاريخ، في كل مواجهاتنا السابقة مع المنتخب الأسترالي لم نتمكن من الفوز، ليس هذا وحسب، بل لم يتمكن أي مهاجم إماراتي من هز شباك أستراليا، ولكن فعلناها هذه المرة، وفاز منتخبنا، وكان علي مبخوت كعادته رجل الأرقام، وسفير الأحلام، ضرب عصفورين بحجر واحد، فتمكن من تسجيل أول هدف إماراتي في مرمى «الكنجارو»، وأصبح أفضل هداف عربي في تاريخ كأس آسيا.
لا يزال للحلم بقية، ولا يزال للمجد متسع، وتلك الروح القتالية التي شاهدناها أمس الأول نريدها حاضرة في مباراة الدور نصف النهائي، وتلك الإرادة والتصميم والعزيمة التي أظهرها اللاعبون في الفريق هي السبيل من أجل التفوق والعبور إلى المشهد الأخير، حيث اللقب الذي أضعناه قبل 23 عاماً حيث المجد، وبتلك الروح العالية التي شاهدناها لدى فارس جمعة لن يوقفنا أحد، لن نخشى أي منافس، لن ترهقنا الظروف، سيكون القادم أكثر جمالاً، وسنقاتل حتى النهاية وسنواصل الحلم، فسجل يا تاريخ ودون يا قلم.