جمعتني الصدف والأقدار مؤخراً بلفيفٍ من الصديقات، فجلسنا على ضفاف نهر النيل نحتسي القهوة قليلاً ونضحك كثيراً ونستمع لأغاني تسافر بِنَا وبعواطفنا وذكرياتنا حيث تشاء. فاختلط القديم بالجديد وكبرت دوائر المودة، فشملت فاطمة ونادية وبلقيس وسبأ ونجيبة، وصرنا نُحضّر برنامج اليوم التالي قبل نهاية اليوم الحالي، وتبدّل الحديث من المجاملات والأسئلة إلى الحوار وإبداء الرأي، ونتفق دوماً على دور المرأة والتحديات والفرص والتمكين الذي ننعم به الآن.

لكل سيدة قصة، ولكل قصة تفاصيل، بعضها هين والبعض الآخر يأتي قاسياً في تعبيره عن الألم، إلا أنا كنّا نتجاوز المؤلم بإيجابية ونتفق جميعاً على حب أهلنا وخاصة «أمهاتنا» وتعلقنا بالعيال وسعينا لبناء ماهو جديرٌ بالعطاء المتميز، وما يرقى بأوطاننا.

في مجلسنا الأخير اشتكت إحدى السيدات من ألمٍ في ظهرها فأسعفتها إحداهن قائلة: دعونا نتحدث في مواضيعٍ غير مألوفة... ما رأيكم؟ فقفزت صاحبة الألم لتدير الحوار وتنبش الأزقة والآمال حتى تنحى وجعها وتلاشى... فقالت بلقيس: «سيداتي آنساتي العزيزات، كلما واجهتن معضلة في الحياة تذكرن هذه اللحظة وانتشلن أنفسكن!» لقد كانت مُحقة فالكآبة تكرس نفسها أما الإيجابية فهي أسلوبٌ للتحايل على البأس والخروج عن سيطرته بلباقة وبسالة وقوة إرادة.

وفي صمت نادية، وسكينة نفسها، وهدوئها يجد المرء زوايا ومرايا؛ في الزاوية سيدة تُشع نوراً وجمالاً وحياءً ورزانة، وفي المرآة فتاة تلبس ألوان الطيف وتتهادى بملابس صنعتها مهارة الحرفة وشغف المعرفة، وإبداع الخالق في الإيحاء لخلقه. نور الشمعة وضوء القمر وأشعة الشمس في تصاميمها، وهي الإبداع الخلاق فلا بد من أن يسطع النور على تلك المرآة.

وهناك «حب كبير» يلامس القلوب كلها، فاطمة ذات القلب المُسامح والفكر النير والمنطق الراجح هي عميدة القيم والاحترام.

للعارفين أقول: هذا جمال السفر والتعارف وحلقات الود التي تتخطى الحدود، وتقرب القلوب قبل الدروب وتزرع الود حيث تكون. شكراً لكن جميعاً الحياة بكن أجمل.