حب الطبيعة.. من عاش في الإمارات قبل أربعين سنة ونيف، ويمشي بين مروجها اليوم، يعرف كيف أحب المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الطبيعة، كما أحب الحياة، وهذه سجية فحول الشعر، وأرباب القصائد المضاءة بمصابيح الأحلام البهية، والأفكار الزاهية.
هذه هي سمة الذين يبنون الأوطان، كما يرسم الفنانون لوحاتهم التشكيلية، بريشة البلاغة الإبداعية، وأنامل النبوغ الأخلاقي.
هذه هي روح الأوفياء للأرض الذين ينحتون ترابها، بأزاميل الحب، ويلونون تاريخها بالبياض، ويعطرون ذاكرتها ببخور المعاني النبيلة.
هكذا يقدم النجباء أنفسهم للعالم، سحابات إنماء، وأمطار انتماء وأشجار عطاء، وعشب سخاء. الآن وأنت تتأمل هذه اللوحة التشكيلية، الرائعة، وتتابع المشهد عن كثب، تجد أن ما كان يفكر فيه زايد، ليس لأمر راهن، وإنما لواقع الديمومة ولأجل وطن ترتع أطيافه، في نجود، ومروج، وترتاح أطياره على مهد العزة، وعهد الكرامة ووعد الرفعة.
هكذا نرى الإمارات تثب باتجاه المستقبل محروسة بعيون أشداء البأس أقوياء العزيمة، أوفياء للتاريخ، نجباء في حفاظهم على الإرث الأصيل.
هكذا يبدو المشهد سلسلة من توالي الخطوات الواثقة، وحلقة من الوثبات الثابتة، تعمل على حفظ الأثر، وصون المآثر، التي أودعها المغفور له الشيخ زايد، بأيد تصون، وتدرأ عن الأمانة كل زلل، أو خلل، إيماناً من قيادتنا الرشيدة أن ما تركه زايد، لهو الجوهر المكنون، والذي يتوجب على كل ضمير حي أن يحميه، ويردع عنه كيد الحاسدين، ورجس الحاقدين، وضغينة دهاة المكر والخديعة، اليوم ونحن نتمشى على تراب الوطن، ونقرأ العبارة، في المشهد المذهل، نرى أنفسنا أمام الاختبار العظيم، وهو أن نكون أو لا نكون، وأن نكون أوفياء لهذا الإرث، هو في صلب حقيقة ما كان يريده الشيخ زايد، ويتمناه للإمارات، بأن تبقى وفية لتراثها، ملتزمة بميراثها، مسؤولة عن إرثها، ولا يتعلق الأمر بفرد، أو مسؤول، وإنما المسؤولية هي واجب على كل من يعيش على هذا التراب الطاهر، وكل من شرب ماءه، وتنفس هواءه.
كل شجرة رعاها زايد هي مسؤوليتنا جميعاً أن نضعها بين الرمش والجفن، وكل طير لمسته يد زايد هو أمانة في أعناقنا جميعاً.
والإمارات، أرضاً، وسماء، شجراً، وطيراً، وكل ما يدب على ترابها هو في الأعناق قلائد، ودرر، وما الأفكار، إن تشعبت، وتفرعت، واختلفت، وتقاطعت، أو تشابكت، يبقى الوطن هو الهوى، والمحتوى، وهو المستوى الأعلى الذي تصبو إليه العقول وتنظر إليه الأعين، وما المزايدة إلا مشي على الماء، وسباحة على الرمل.