تُرى.. هل تستحق الكرة أياً كان ما فيها، ومن فيها.. بفوزها وبطولاتها وكؤوسها، أن يكره أحدنا الآخر.. أن يسبه أو حتى يسفه أحلامه أو يبغضه؟.. لا أعتقد أن ذلك ممكن، وإنْ حدث فهو بخلاف أنه غير مقبول، يمثل ظاهرة أقرب إلى المرض النفسي.
في دوريات كروية حولنا، يصل الأمر إلى حافة الجنون واللامنطق، فنقرأ عن القتل بسبب الكرة والطلاق والموت بأزمات قلبية، وغيرها من الظواهر المفزعة التي كانت بداياتها لديهم كراهية تركوها فأينعت وأثمرت ما هو أخطر وأشد فزعاً.
إنها كرة.. لعب بين فريقين.. هي في أعظم الرؤى رياضة تساهم في بناء الجسم، لكن لا يمكن أن تكون أكثر من ذلك.. حتى لو أفردنا لها المساحات إرضاء لك ولنهمك في معرفة كل أخبار ناديك، فذلك لا يعني أن تتجاوز حدود المعقول، وأن تكره الآخر لأي سبب كان.
لا أدري لماذا صرنا هكذا.. لماذا أشكال الاحتقان والكراهية التي تتصاعد بين فئات من الجماهير؟! ولا تخطئ أنوفنا رائحة الدخان المتطاير من بعض المدرجات.. نحن لم نكن يوماً كذلك، ولن نكون بإذن الله، لكن علينا أن نحاصر تلك الظواهر مهما كانت صغيرة.. علينا أن نقضي عليها في مهدها.. على الإعلام بصفة خاصة، ألا يكون منبراً إلا للمحبة والتسامح والأخلاق الرياضية بين الجماهير.
قد يرى البعض أن الحماس في التشجيع أمر طبيعي قد تعلو حدته تارة وتنخفض أخرى، وقد يسأل آخر: ماذا بإمكان الجماهير أن تفعل غير أن تشجع ناديها؟ وبالتالي قد لا تتحكم في انفعالاتها أحياناً، وهنا يجب أن يكون للأندية دور آخر في توجيه جماهيرها صوب مسارات متعددة، بدلاً من حصر علاقتها بالجماهير في المباراة ونتيجتها.
في عام 2003، تم عرض نادي بروسيا دورتموند الألماني للبيع، فتكاتفت جماهيره رافضة ذلك، واشترت تذاكر المباريات بأضعاف ثمنها مساندة ودعماً لناديها، وجماهير سيلتيك الاسكتلندي التي اختيرت كأفضل جمهور من الفيفا عام 2017، يتجاوز دورها مع ناديها حدود التشجيع، فتقيم احتفاليات التكريم للنجوم التاريخيين، وغيرها من الفعاليات التي تؤكد أن عمل الجماهير ليس قاصراً على المدرجات.
أحياناً نحزن لغياب جماهيرنا عن المدرجات، لكن لا يمكن أن يكون ثمن عودتها بعض الاحتقان أو الكره، فذلك لا يليق بنا على الإطلاق.. لا يليق بوطن لديه قيمه ومُثُلُهُ وأخلاقياته.. لا يليق بوطن صعد إلى الفضاء أن يلتفت إلى أمور كتلك.. لا يليق بشعب رباه «زايد» إلا أن يكون نقياً.

كلمة أخيرة:
إذا لم تستطع أن تحب فلا تكره.. الكُره أنت ضحيته الأولى.