كل ما في الإمارات جميل، وكل ما فيها يتحدث بلغة الإنجاز، ويتنفس هواء الإعجاز، هي اليوم تتبوأ أعلى المراتب، وتسابق الزمن فتكاد تسبقه، فمسلسل الإنجازات مستمر، وسيل الإبداع منهمر، واستشراف المستقبل يسير في خطى حثيثة، والتخطيط بعيد المدى هو نهج ثابت، حتى أصبحت الإمارات أنموذجاً في النمو والتطور والتقدم، ومع إشراقة كل صباح نكون على موعد مع تحدٍ جديد، فالزمن قطار سريع لا ينتظر أحداً.
يحدث هذا في كل القطاعات تقريباً، وأقول تقريباً لأن «الزين ما يكمل»، فلا يزال القطاع الرياضي يتخذ مكاناً قصياً ومتأخراً عن الركب، ولا يواكب عجلة التقدم والتطور في بقية القطاعات، واليوم نجني ثمار ما كانوا يزرعونه بالأمس، اليوم يحاولون إعادة تأهيل واقعنا الرياضي، ولكن يصطدمون بكم هائل من الفوضى، فلا يعرفون من أين يبدؤون، ولا يدركون كيفية إعادة ترتيب المشهد، ولا آلية إزالة عراقيله، وكأنهم أمام معضلة غير قابلة للحل، ومهمة شبه مستحيلة.
اليوم، تدفع الرياضة فاتورة إهمال مسؤولين، تعاملوا معها لسنوات طويلة بعشوائية شديدة، ولا مبالاة وعدم اكتراث، اليوم تقف رياضتنا في آخر الصف، فكل القطاعات الأخرى ارتقت وتطورت، إلا الرياضة تسير إلى الخلف، في السابق سادت الفوضوية، وغابت الجدية، واليوم فقدنا المرجعية والمظلة، اليوم نسير على غير هدى بعد أن أضعنا البوصلة.
مؤسساتنا الرياضية لا تزال تعيش أجواء ما قبل النهضة التكنولوجية، ومعظمها ليس لديه مواقع إلكترونية، ولا حسابات رسمية، ومعظم مؤسساتنا الرياضية ليس لها نظم أساسية، ولا لوائح قانونية، اليوم معظم اتحاداتنا وأنديتنا ومؤسساتنا الرياضية، ليس لديها مشاريع مستقبلية ولا خطط استراتيجية، ومعظمها ليس له «بريد إلكتروني»، ولا حسابات على مواقع التواصل، ولا أدري كيف يمكن مخاطبتها؟ ربما عن طريق الحمام الزاجل.
يقول المثل الإنجليزي: «لا تخترع العجلة، بل أبدأ من حيث انتهى الآخرون»، يبدو كلاماً غاية في المنطقية إلا في حالة رياضتنا، فما انتهى إليه الآخرون لا يبدو أساساً مثالياً للبناء عليه، وحتى نتخلص من كوارث الماضي التي عصفت برياضتنا لا بد أن نغير، وبات ضرورياً أن نبدأ من الصفر، لا بد أن نضع أساسات حديثة لمشروع جديد، نزيل به كل آثار الفوضى التي لا زلنا نعاني منها وأشكال التخبط كافة التي كانت سائدة في الماضي، ومن المهم إبعاد كل من كانت له يد فيما وصلت إليه رياضتنا، فالحسنة تدعو الحسنة والسيئة بمثلها، ومن كان سبباً في مشكلة لا يمكن أن يكون طرفاً في حلها.