في كل عام، تتقدم الإمارات في تقرير التنافسية العالمي، ما يؤكد أن الأمر ليس متروكاً للصدفة، ولا لتراجعات دول معينة في مؤشرات رئيسة أو فرعية، تؤدي إلى صعود دول أخرى، فمن الواضح أن لدينا عملاً حكومياً ممنهجاً، عبر الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، للحفاظ على ريادة الدولة في المنطقة، والتنادد أكثر على مستوى العالم.
اليوم، نحن في المركز الأول إقليمياً، والـ25 عالمياً، في تقرير التنافسية العالمي 2019، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، ونجحنا في أن نحتل مكانة ضمن 20 دولة متقدمة في 57 مؤشراً تنافسياً. تقدمنا مرتبتين عن العام الماضي، وتمكنا من تجاوز دول كبرى في مؤشرات أخرى، فنحن في المركز الأول عالمياً في استقرار الاقتصاد الوطني الكلي، والثاني في محور تبني تقنية المعلومات والاتصالات، والرابع في محور أسواق السلع.
في سنة واحدة، تقدمت الإمارات في 52 مؤشراً تنافسياً عن العام الماضي، ما يعكس فعالية التنمية الاقتصادية والإدارة المالية، ونجاعة التدابير الحكومية في هذا الصدد، فضلاً عن متانة البنية التشريعية، وقدرتها على التكيف والتجاوب مع متغيرات الاقتصاد الجديد، والمحافظة على استدامة نقاط القوة الرئيسة في القطاعات الحيوية، كالصحة والتعليم، وسائر البنى التحتية.
ما يهمنا هنا هو الاستدامة، ليس فقط كمفهوم، انطلق من البيئة المجردة إلى الإدارة، وبات أكثر اتصالاً بالسياسات والتدابير والأنظمة المؤسسية، وإنما كوعي بأهميتها وضرورتها في التنمية الشاملة. فهذا التقرير السنوي يقيس تنافسية 141 دولة، ويعتبر مرجعاً لاختبار فاعلية كثير من العمل الحكومي، وانعكاسه مباشر ومؤثر على الاقتصاد الكلي، وأن نحقق سنوياً مكاسب فيه، فهذا يعني أننا بتنا نرى ملامح الطريق جيداً، بالمقارنة مع الدول التي تحتل المراتب العشر الأولى.
ثمة دول تتأرجح صعوداً وهبوطاً في مؤشرات عدة. هناك دول كانت تحتل مراتب متقدمة في الحوافز الاقتصادية وجودة الخدمات ورضى المستثمرين والقطاع الخاص، فتراجعت في التقرير الأخير. بالنسبة لنا كنا، السنة الماضية، في المركز 27 عالمياً، في الترتيب العام، وتقدمنا مركزين هذه السنة، وهذه قفزة عالية، وتحتاج الدول سنوات لبلوغها، في دليل واضح على حجم التخطيط والعمل الحكومي الإماراتي في أشهر قليلة.
يجعلنا ذلك أكثر اطمئناناً، ويزيدنا ثقة بأن المجتمع الدولي لم يعد ينظر إلى الإمارات كدولة من العالم الثالث تنموياً، ولا كسوق صغيرة في حركة التجارة والأموال والاستثمارات، فهو يراها تتجاوز محيطها الإقليمي وإشكالياته السياسية والاقتصادية والمعرفية عاماً إثر آخر، سواء في تقارير التنافسية أو في معايير السعادة وسواها.