ما معنى أن نكون في قلب المرحلة من دون أن يرف لنا جفن، أو يزل قدم؟ هذه سيرة الطبيعة الخالدة في قلب وجودنا، وهذه صورة الجبلة في صلب حياتنا.
نحن في الوثبة، نتطلع إلى مكان العشب القشيب، ونصبو إلى مكانه، حيث ركابنا تهفو إلى كل أخضر ويانع ويافع.
نحن في الولوج نبحث عن درة البريق، ولكن لنا مع الأعماق تاريخاً من الفقدان، والخسارات، لذلك يتوجب علينا الحذر، واليقظة في كل ولوج، وكل لجة.
هكذا يعلمنا التاريخ من دروسه، وهكذا ينبعث فينا الوعي عندما نستدعي إرث زايد، وهو الناموس الذي يسكن وجداننا، وهو النبراس الذي يوسع وعينا، وهو الأجنحة التي تأخذنا إلى المعالي من دون إخفاق، ولا إغراق في الجلجلة.
في خضم المرحلة، وما اعتراها من وجل وجلل، هناك خطوة ربما لم توضع في مكانها الصحيح، فأطاحت جبل النوايا، وزلزلت وخلخلت بعض شجوننا وشؤوننا.
والآن وقد حطت الركاب عند أجمل المشاهد، والشواهد، يتوجب علينا أن نتوقف قليلاً، وأن نشد لجام الجياد، وننظر إلى الوراء هنيهة، وهذا ليس توارياً خلف الغيمة، وإنما هو انبعاث جديد لوعي تمرس على اختراق الفضاء ليحقق مزايا التطور، من دون التعثر بحصى اللهوجة والبهرجة، ومن دون التبعثر في حيثيات اللاوعي.
لقد وصلنا إلى القمة بفضل من ذهبوا إلى الحياة بطموحات النوارس، والآن وجب علينا تأمل المشهد بتأن وتؤدة ولباقة، ولياقة ورشاقة وفطنة، وحنكة، وذكاء يوازي ما أنجزناه من مشروع حضاري أبهر، وأدهش كل من لديه بصر وبصيرة.
الآن وبعد مراحل من السير في الرحلة الطويلة، وكما قال جبران خليل جبران «تقدم، ولا تتوقف، في التقدم يحدث الكمال». ولكن يحتاج التقدم الوعي الذي يوازيه، ويساويه في القوة والاتجاه، ونحن أمامنا الطريق مفتوح حتى آخره، والجيل الجديد الذي يريد أن يقفز، ولا يريد أن ينظر إلى ما حوله يحتاج إلى وقفة، ويحتاج إلى طريق ممهد، لا تعترضه العثرات، وهو كذلك، عليه أن يخرج من فوهة بركان الرغبات اللامتناهية، والخطوات الحمقاء التي قد تودي بحياة الأعشاب الخضراء التي نبتت عند ضفاف النهر الكبير.
نريد أن ندق أجراس الوعي، ونريد أن نلبي حاجة المرحلة من دون أن نمس بالثوابت التي غرسها المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، نريد للضوء أن يستمر، من دون أن تعيقه ضبابية الوعي.