لا تقاس الدول برفعة البنيان، وإنما بسعة البيان، واستقامة البنان. هكذا يوجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الأذهان، ويدعوها دوماً لبذل الغالي والنفيس، من أجل توسعة العقل باتجاه جديد، يرفد قيم التقدم والازدهار.
عبارة «الأكثر تقدماً في الإدارة الحكومية»، تشير إلى معيار وعينا في التقدم، ومقياس فهمنا للتطور، ونحن ذاهبون إلى المستقبل، بمنجل العمل الحكومي، يجب أن يكون في حسباننا أننا بحاجة إلى بناء العقل، قبل بناء الأفنية العالية، وبرغم حاجتنا الماسة إلى جميع أشكال التقدم المادي، ولكن يبقى لأحلام العقل الزاهية رونقها، وقيمتها، وأهميتها، وضرورتها، ومكانتها في موازين الحضارة الإنسانية، لقد زالت حضارات مادية كثر، وبقيت مآثرها الروحية والثقافية، لأن جذور العقل لا تبلى، ولا تتلاشى، ولا تغيب عنها الشمس، متى ما بزغت وبرزت، وتألقت، وتدفقت، ووقفت صامدة أمام أعاصير الزمن، وزوابعه، وتوابع زلازله.
دعوة سموه إلى التقدم، لا تنحصر في جانب من جوانب الحياة، وإنما هي شاملة، كاملة، لا تجدب، ولا تنكب، ولا تسكب ماءها في الأرض الجدباء.
عبارات سموه، هي دفقة من ضمير قائد، يذهب بالقافلة باتجاه الحياة الوسيعة، ويقود المسيرة إلى روابي العشب القشيب. نفخر بتقدمنا، لأننا وضعنا قرص الشمس في قلب المشهد الإنساني الذي نحن نسجنا خيوطه، ورتبنا ألوانه، وهذبنا أشجانه، ونسقنا ألحانه، ووقفنا أمام العالم، ونحن نكتسي حلة المعاني الرفيعة، ونرفل بقيم الذين أسسوا، وبنوا، وخططوا، وبعثوا فينا العزة وكرامة النبلاء.
عندما تتأمل المشهد في الإمارات، وتتفحص هذه الفسيفساء الشاسعة، من خلايا النحل العاملة على الأرض، تشعر أنك أمام فراشات تنسق عطر ورودها، وأنها تقوم بالرفرفة، فرحاً بهذا الإنجاز الفطري، الذي منحه الله لفئة من البشر دون سواهم.
هذه هي الإمارات اليوم، وعلى لسان قائد ما ملّ التفكير في نهضة بلاده، نراها بين الدول تمشي الخيلاء، جذلانة، ريانة، مزدانة بالأحلام الزاهية، فتانة بمنجزاتها، ممسكة بزمام المرحلة، بضمير أبنائها، ملتزمة بأخلاق القيم الحضارية، من دون تكلس ولا تفلت، ولذلك فإن التحذير لكل أحمق، أو غوغائي، أو عشوائي، بأن ما يحدث في ضمير بعض المنفلتين، هو إضرار مباشر لما يتم بناؤه على أرض الواقع، وأن كل كلمة أو حركة غير محسوبة، إنما هي منجل هدم لحضارتنا الراقية.