لا تمر جولة من «دورينا»، إلا ونسمع خبر إقالة مدرب جديد وضحية أخرى وأموال مهدرة، أصبحت هذه الإقالات هي أبرز أحداث المسابقة، وهي أكثر انتشاراً وإثارة، ومنذ عرفنا كرة القدم دائماً هناك طرف بالإمكان التخلص منه وليس بالضرورة أنه سيء، أو أنه مقصر، ولكن لا بد من مبرر وذريعة وسبب، لا يمكن أن تغيّر اللاعبين، والإدارة لن تستقيل، إذاً عليك بالمدرب.
مدرب كرة القدم في أي مكان يدرك تماماً أن عمله ذو مخاطر عالية، ومهنته ليست مأمونة الجانب، وقد يخسر وظيفته في أي لحظة بسبب ركلة جزاء مهدرة أو فرصة ضائعة أو حتى هفوة دفاعية جاءت في جزء من الثانية ليس له ناقة أو جمل في حدوثها، هذا هو حكم الزمن، يرتكب اللاعبون الأخطاء الساذجة وهو يدفع الثمن.
أما هنا، فالأمر يبدو أكثر تعقيداً وصعوبة، وإقالات المدربين تدخل فيها العديد من العوامل الأخرى، ربما لا يجيد تدليل اللاعبين، وربما لا يستمع إلى نصائح الإداريين، وقد لا يتقبل التعليمات أو الوصاية أو التدخل، سمها ما شئت، وهو على كل حال لن يغادر بعيداً، سيظل يزور مدرجات دورينا حتى يجد له نادياً جديداً.
قد يكون مبرراً بالنسبة لبعض الأندية الراغبة في اللحاق بقطار المنافسة على اللقب أن تغيّر من أجهزتها الفنية في حال ساءت النتائج، وهي تتخذ هذه الخطوة في وقت مبكر وقبل فوات الأوان، كما أن الأندية المتورطة في صراع الهبوط قد تتخذ الخطوة نفسها، ولكن هناك فئة من الأندية تجدها في المنتصف فلا هي منافسة ولا تصارع من أجل البقاء، فلا يوجد لها مبرر حتى تبحث عن كبش فداء.
لدينا مشكلة ثقافة في التعامل مع المدربين، وإدارات الأندية لدينا ليست لديها خطط واضحة ولا أهداف استراتيجية منذ البداية، وغالباً يتم تحديد هذه الأهداف بعد بداية الموسم وحسب الشكل الذي سيظهر عليه الفريق والنتائج التي يحققها، وبالتالي تتحدد استراتيجية التعامل مع هذا المدرب في التوقيت نفسه.
حدث منذ أكثر من 30 عاماً أن تعاقد النصر مع المدرب البرازيلي لابولا، وفي موسمه الأول كاد يهبط بالفريق إلى الدرجة الثانية، لكن لم يتم الاستعجال في إقالته وتم تجديد الثقة فيه، وفي الموسم التالي جاء الحصاد وفيراً، وحصل النصر على كل بطولات الموسم، دوري وكأسين ودوري مشترك، في إنجاز نادر وفريد ومذهل، لو تكررت الأحداث في زمننا هذا لكان لابولا قد أقيل في منتصف موسمه الأول.