من بين قصص الجماهير في العالم، تبرز مواقف جماهير الأفريقي التونسي، لتشكل قصة وفاء رائعة نسجها هذا الجمهور مع فريقه، ليصبح الأمر أروع من الكرة، ويتجاوز تلك الحدود الضيقة لمشجعين يهتفون لفريقهم أو يفرحون لفوزه.. النادي لديهم بات أيضاً مسؤولية، عليهم أن يساندوه كما يفعلون مع العائلة بالضبط.
منذ فترة، احتاج النادي الأفريقي إلى أكثر من مليون ونصف المليون دولار، فتمكنت جماهيره في حملة دعم لناديها من جمع المبلغ في وقت قياسي، وهذه الأيام يبدو النادي في حاجة إلى المؤازرة، للخروج من أزمة ديون متراكمة، فما كان من جماهيره إلا أن أطلقت حملة «المليون دينار في يوم واحد»، وفي يوم واحد بالفعل، تفوقت الجماهير على وعدها، فجمعت في مستهل حملتها قرابة مليون وربع المليون، ووصلت تبرعاتها في 48 ساعة تقريباً إلى 2 مليون و800 ألف دينار «الدولار يساوي 2.83 دينار»، وامتدت الحملة إلى ربوع تونس، في مشهد آسر يجسد كيف تكون العلاقة المثالية بين الجمهور وناديه.
من بين المشاركين في حملة التبرعات، كان النجم الجزائري عبدالمؤمن دجابو معشوق جماهير الأفريقي، والذي أودع تبرعه في الحساب المخصص للحملة، عرفاناً لناديه السابق الذي ارتدى قميصه ثلاثة مواسم، ليكتب هو الآخر فصلاً من قصة الوفاء على طريقته، إضافة إلى لاعبين آخرين وشخصيات ثقافية وسياسية، هبت لنجدة ناديها، رغم الخلاف مع بعض من يتولون مقاليد الإدارة، والذين أوصلوا الأفريقي لما وصل إليه.
الأفريقي المطالب بدفع قرابة 11 مليون دينار لإغلاق ملفات ديونه ونزاعاته مع الفيفا، والذي سبق أن دخل دوامة الأزمات المالية أكثر من عشر مرات، يبدو فخوراً معتزاً بوقفات جماهيره أكثر من أي شيء آخر.. نادٍ لديه مثل هذه الجماهير، لا يجب أن يزعجه شيء ولا يوقفه شيء ولا يحزنه شيء.
وبالرغم من ظروفه تلك، والتي كانت سبباً في خصم 6 نقاط من رصيده في ترتيب الدوري، إلا أنه يمضي في المسابقة بخطى واثقة، محققاً ستة انتصارات في سبعة أسابيع.. يبدو غير عابئ بالظروف الصعبة، وربما من تحبه جماهيره بهذا الشكل ليس عليه أن يعبأ بشيء.. تفعل الأندية ما تفعل وتكافح وتفوز من أجل هتاف أو فرحة تودعها صدر أنصارها، وتأتي مشاعر كتلك، لتمثل أعظم تجسيد لما يمكن أن نطلق عليه أعظم حب.
حري بالأندية قطعاً أن تنأى بنفسها عن الديون والمشاكل والأزمات، وأن تحسن إداراتها التخطيط لحاضرها ومستقبلها، ولكن إن حدث وأتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فمثل تلك الجماهير هي المجد الذي ينتظره أي فريق.

** كلمة أخيرة:
مثل هذه المشاعر من الجمهور.. أعظم من أي انتصار وأروع من كل البطولات.