بعض الأشخاص يأتيك مثل برميل متفجرات، مكتنز بفكرة نارية، تقض مضجعه، وتهيج مقعده، ولا تدعه في مأمن من الانهيار الأخلاقي في أي لحظة حوار جانبي، قد لا يستحق الفورة، والثورة، إنه حوار يستدعي الانفتاح على الهواء الطلق، والدخول في غرفة الاستراحة الحوارية، من دون غثيان، ولا دوران، ولا امتهان، ولا جنون العظمة.
بعض الأشخاص يأتيك وفي جعبته تاريخ أمة مهزومة، وحثالة قهوة باردة، ونفايات أزمنة بائدة وانكسارات حضارة، اتكأت على أفكار خاوية.
بعض الأشخاص يعتنق فكرة بول بوت في كمبوديا الذي أغرق البلاد والعباد ببحر من الدم، فقط لأنه أراد أن يكون مختلفاً، وفقط لأنه احتدم بأيديولوجيا سوداوية، عقيمة، لم يجن منها غير خراب أمته.
بعض الأشخاص يأتيك وفي رأسه عقدة نرجسية قاتمة، تدله على صورته في مرآة مشروخة فلا يرى غير وجهه الشائه.
بعض الأشخاص قد يكون مطارداً من زوجة متنمرة ولا يجد مكاناً للفضفضة غير في مجلس الأصدقاء، ولكنه عندما يفضفض، تخرج من فيه شرارات مكبوتة، والكلمات بين شفتيه أشبه بالجمرات، والألفاظ، أحجار صماء يقذفها في وجه الآخرين، وهو يلهث مثل كائن أنهكته أشعة الشمس اللاهبة.
بعض الأشخاص لا خيار لديه في الحوار، سوى أنه يجب أن ينتصر، لأنه في هذه اللحظات قد يكون متخيلا صورة المرأة العاتية، أو طفولة مكبوتة، أو رجولة مكسورة، أو حياة، تلاطمت على سواحلها أمواج ضعف الشخصية.
في مثل هذه الحالات، وأمام شخصيات، أشبه بالأعواد اليابسة، لا بد من مخرج، يجعلك تسلم أنت وناقتك من أي خوار، يسبب لك الصداع، ولا بد من طريقة في معالجة هكذا أمراض، حتى لا تصيبك العدوى، وتدخل أنت في نفس النفق، فتختنق وتصاب بإنفلونزا الطيور.
في مثل هذه الأوضاع المزرية، عليك أن تتخلص من ذاتيتك تماماً وتجلس أمام مثل هؤلاء الأشخاص، مثل كاهن بوذي، أشرقت الشمس في وعيه وأنارت مخيلته، وأبعدته عن كل ما يغث، ويرث، ويحث على الصدامية. عليك أن تنظف ساحتك من الغبار، وأن تجعل من قلبك، سجادة أذرية نسجت خيوطها، بأنامل ناعمة، وعليك أن تتجلى بفكرة أنه لا شيء يستحق كل هذا الرجف، والعزف على أوتار الحماقة.
عليك أن تروض الوحش، بصمت، تتبعه ابتسامة ألطف من النسيم، وأن تجلس في المكان مثل ما تفعل الفراشة، عندما تقبل فم الوردة. كن هكذا، وسوف يبرد صاحبك، أو على أقل تقدير، سيغادر المكان بأقل الخسائر.