مساء أمس الأول وبمجرد ورود الخبر الصاعق بوفاة سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، غمرت الإمارات من أقصاها إلى أقصاها حالة من الحزن الشديد لفقد قامة شامخة ورمز وطني رفيع كان دائماً قريباً من الجميع، وهو رجل رافق المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مراحل دقيقة ومفصلية خلال البدايات المبكرة لقيام الدولة، ونهل من معين مدرسة زايد في الحكمة والبذل والعطاء والإيثار.
وكان في كل من محطات العمل الوطني والمسؤوليات الحكومية التي نهضت بها نِعم المسؤول الذي يترجم رؤية المؤسس ونظرته لدور مؤسسات الدولة في خدمة المواطن والارتقاء به.
كما امتلك فقيد الوطن رؤية في التعامل مع الموروث والتراث، باعتباره أداة مهمة لغرس القيم الإماراتية الأصيلة لدى النشء، وتعميق قيم الولاء والانتماء للقيادة والوطن. ونلمس ذلك جلياً من خلال المؤسسات التي ترأسها الفقيد، وأولاها كل وقته وجهده ورعايته واهتمامه، وفي مقدمتها نادي تراث الإمارات ومركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام ونادي الفروسية.
في كل دورة من دورات مهرجان سلطان بن زايد التراثي الذي يقام سنوياً برعايته في منطقة سويحان، كان يحرص على دعوة رجال الإعلام والفكر. يظل قريباً من الجميع الصغير قبل الكبير ويتحاور معهم. تتيح للمرء تلك اللقاءات التي تشرفت بحضورها والاقتراب من قامة وطنية رفيعة تأسرك بتواضعها الجم وحضورها وعمق ثقافتها وإلمامها بتفاصيل التفاصيل في مفردات تراث الإمارات. وفي كل من تلك اللقاءات التي جمعتنا بفقيد الوطن، يذكرنا كإعلاميين بمسؤولياتنا في ترسيخ القيم الجميلة التي يتفرد بها مجتمع الإمارات وغرسها وتنميتها لدى أجيال الغد التي ستحمل الأمانة للحفاظ على راية الإمارات شامخة راسخة ثابتة وسط الأنواء والعواصف.
رحيل سلطان بن زايد كان مؤثراً ومؤلماً لكل أبناء الإمارات والمقيمين على ترابها الطاهر ولكل من عرفه عن قرب، ولأولئك الذين يتوافدون من مناطق الخليج والجزيرة العربية والعالم للمشاركة في المهرجانات والمؤتمرات التي يقيمها ويرعاها فقيد الوطن، والذي سيظل باقياً في القلوب وإن رحل بمآثره الطيبة المباركة التي ستظل شامخة مضيئة؛ لأنها عميقة الجذور غزيرة العطاء.
رحم الله أبو هزاع وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، خالص العزاء لشيوخنا الكرام، وإنا لله وإنا إليه راجعون.